محمد بن سلمان آل سعود

محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود (15 ذو الحجة 1405 هـ / 31 أغسطس 1985مولي عهد السعودية، ورئيس مجلس الوزراء. يرأس مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. هو نجل الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود من فهدة بنت فلاح آل حثلين.

صاحب السمو الملكي الأمير
محمد بن سلمان
بن عبد العزيز آل سعود
محمد بن سلمان آل سعود
محمد بن سلمان في 2019

ولي العهد
في المنصب
21 يونيو 2017
6 سنواتٍ و9 أشهرٍ و28 يومًا – حتى الآن
 محمد بن سلمان آل سعود
ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء
في المنصب
27 سبتمبر 2022
سنةً واحدةً و6 أشهرٍ و22 يومًا – حتى الآن
 محمد بن سلمان آل سعود
ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء
في المنصب
21 يونيو 2017 – 27 سبتمبر 2022
5 سنواتٍ و3 أشهرٍ و6 أيامٍ
 محمد بن سلمان آل سعود
رئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية
في المنصب
21 يونيو 2017 – حتى الآن
العاهل سلمان بن عبد العزيز آل سعود
 محمد بن سلمان آل سعود
ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء
في المنصب
29 أبريل 201521 يونيو 2017
 محمد بن سلمان آل سعود
رئيس المجلس الأعلى لأرامكو السعودية
في المنصب
29 أبريل 2015 – حتى الآن
العاهل سلمان بن عبد العزيز آل سعود
محمد بن سلمان آل سعود-
 محمد بن سلمان آل سعود
رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة
في المنصب
23 مارس 2015 – حتى الآن
العاهل سلمان بن عبد العزيز آل سعود
رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية
في المنصب
29 يناير 2015 – حتى الآن
العاهل سلمان بن عبد العزيز آل سعود
محمد بن سلمان آل سعود-
 محمد بن سلمان آل سعود
وزير الدفاع
في المنصب
23 يناير 201527 سبتمبر 2022
العاهل سلمان بن عبد العزيز آل سعود
معلومات شخصية
اسم الولادة محمد بن سلمان بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود
الميلاد 31 أغسطس 1985 (العمر 38 سنة)
الرياض، محمد بن سلمان آل سعود السعودية
الجنسية السعودية سعودي
الكنية أبو سلمان  [لغات أخرى]‏  تعديل قيمة خاصية (P8927) في ويكي بيانات
الطول 1.90 متر
استعمال اليد أيمنية  تعديل قيمة خاصية (P552) في ويكي بيانات
الديانة الإسلام
عضو في هيئة البيعة السعودية  تعديل قيمة خاصية (P463) في ويكي بيانات
الزوجة سارة بنت مشهور آل سعود (6 أبريل 2008–)
الأولاد سلمان، مشهور، فهدة، نورة، عبد العزيز
عدد الأولاد 5
الأب سلمان بن عبد العزيز آل سعود  تعديل قيمة خاصية (P22) في ويكي بيانات
الأم فهدة بنت فلاح آل حثلين
إخوة وأخوات
سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود،  وعبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود،  وأحمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود،  وفهد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود،  وفيصل بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود،  وتركي بن سلمان آل سعود،  وحصة بنت سلمان بن عبد العزيز آل سعود،  وخالد بن سلمان آل سعود،  وراكان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود  [لغات أخرى]‏،  وسعود بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود،  ونايف بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود  [لغات أخرى]‏،  وبندر بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود  تعديل قيمة خاصية (P3373) في ويكي بيانات
أقرباء عبد العزيز آل سعود (جد)  تعديل قيمة خاصية (P1038) في ويكي بيانات
عائلة آل سعود  تعديل قيمة خاصية (P53) في ويكي بيانات
الحياة العملية
المدرسة الأم السعودية جامعة الملك سعود
المهنة سياسي  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات
اللغة الأم العربية  تعديل قيمة خاصية (P103) في ويكي بيانات
اللغات العربية،  والإنجليزية  تعديل قيمة خاصية (P1412) في ويكي بيانات
موظف في مجلس الوزراء السعودي
أعمال بارزة رؤية السعودية 2030  تعديل قيمة خاصية (P800) في ويكي بيانات
الخدمة العسكرية
الرتبة وزير الدفاع السعودي (2015–2022)
الجوائز
التوقيع
محمد بن سلمان آل سعود

حاصل على درجة البكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود. كان قد شغل منصب رئيس الديوان الملكي السعودي عند تولي والده الحكم في يناير 2015 وحتى أبريل 2015. في 29 أبريل 2015، صدر أمر ملكي نص على اختياره وليًا لولي العهد، وتعيينه نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء السعودي. أُختير بمنصب ولي العهد في يونيو 2017، بعد إقرار هيئة البيعة السعودية بإعفاء ابن عمه ولي العهد وزير الداخلية محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود.

أظهر محمد بن سلمان توجّهات انفتاحية ومختلفة عمَّن سبقه من قيادات السعودية، فشهدت البلاد خلال فترة ولاية عهده السماحَ للمرأة السعودية بقيادة السيارة ودخولِ الملاعبِ الرياضية وتفعيلِ هيئة الترفيه، وتحدّث بصراحة عن توجّه السعودية لمكافحة ما يسميه التشدّد الديني داخل الدولة - الذي يعرف محليًا بالصحوة - ووصفه بالدخيل على المجتمع السعودي. أطلق خطة رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى جعل الاقتصاد السعودي يرتكز على الاستثمار، بالإضافة إلى عدم اعتماده على النفط كدخل أساسي ووحيد، إذ وعد بإنهاء علاقة ارتهان الدولة السعودية بالنفط والتي وصفها بـ«الإدمان». قاد الحَربَ على الحوثيين في اليمن، وعارض الاتفاق النووي الإيراني وهدّد بتطوير السعودية قنبلة نووية فيما لو أنتجت إيران سلاحًا نوويًا. وصفته مجلة ذي إيكونوميست بأنّه القوي وراء عرش والده الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود.

أشارت تقارير حقوقية، أن ولي العهد السعودي، رغم الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي أجراها ورغم انتهاجه نهجًا جديدًا في السعودية، وُصِفَ بالتحرري والذي قوبل بالثناء دوليًا، إلا أنّه لم يوقف الاعتقالات الأمنية التي طالت عددًا من الدعاة والناشطين، وكانت حملته ضد الفساد التي اعتُقِل على أثرها عدد من أفراد العائلة المالكة مثار جدل، وكذلك كانت السياسة الخارجية السعودية، حيث وجهت الخارجية الإيرانية والتركية والقطرية انتقادات حادّة للسعودية بسبب السياسات التي تبنّاها محمد بن سلمان في ملف اليمن والعراق ولبنان وفي ملف مواجهة تيارات الإسلام السياسي داخل السعودية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، التي أدّت إلى نشوب الأزمة الدبلوماسية مع قطر.

في 2017، أختير عبر مجلة تايم الأمريكية كشخصية العام باختيار القراء. كذلك اختارته المجلة الأميركية فورين بوليسي من ضمن القادة الأكثر تأثيرًا في العالم ضمن قائمتها السنوية لأهم مائة مفكِّر في العالم لعام 2015. وفي عام 2018، قامت مجلة فوربس باختياره ضمن قائمة فوربس لأكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم.

نسبه

هو محمد بن الملك سلمان بن الملك عبد العزيز بن الإمام عبد الرحمن بن الإمام فيصل بن الإمام تركي بن عبد الله بن الإمام محمد بن الأمير سعود الأوّل. وسعود هو أمير الدرعية وإليه يَنتسبُ جميع أئمة وأمراء وملوك السعودية منذ القرن الثامن العشر، وباسمهِ تسمَّت الأسرة الحاكمة فيها.

الولادة والنشأة والتعليم

وُلِدَ محمد في مدينة الرياض في يوم السبت 15 ذو الحجة 1405 هـ الموافق 31 أغسطس 1985، وهو الابن السادس للملك سلمان بن عبد العزيز، والدته هي الأميرة فهدة بنت فلاح آل حثلين. تَلقَّى تعليمه العام في مدارس الرياض، وأنهى دراسته الثانوية في العام 2003، ضمن العشرة الأوائل على مستوى المملكة. أكمل خلال فترة تعليمه عددًا من الدورات والبرامج المتخصّصة، وحصل على درجة البكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود، حائزًا على الترتيب الثاني على دفعته.

العمل السياسي

كانت بداية محمد بن سلمان في النشاط السياسي حين عُيّن مستشارًا متفرغًا في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء السعودي في 10 أبريل 2007، واستمر في عمله بنفس المنصب، حتى عُيّن في إمارة منطقة الرياض مستشارًا خاصاً لوالده أمير الرياض في ذلك الوقت في 16 ديسمبر 2009، وتحوّل منصبه بالهيئة إلى منصب مستشار غير متفرغ. وحين وُلِّيَ والده سلمان بن عبد العزيز ولاية العهد في المملكة العربية السعودية في 2012، أصبح محمد مستشارًا خاصًا ومشرفًا على المكتب والشؤون الخاصة لوالده ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.

استمر عمله أثناء ذلك في منصبه مستشارًا غير متفرغ في هيئة الخبراء حتى 3 مارس 2013، حيث صدر أمرٌ ملكي بتعيينه رئيسًا لديوان سمو ولي العهد ومستشارًا خاصًا له بمرتبة وزير، وبعدها بأربعة أشهر، أضيف منصب المشرف العام على مكتب وزير الدفاع إلى مهام عمله السابقة. وكانت آخر ترقياته قبل تولي والده الحكم في 25 أبريل 2014 عند صدور الأمر الملكي بتعيينه وزيرًا للدولة عضوًا في مجلس الوزراء السعودي بالإضافة إلى عمله.

حين تولّى الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم في المملكة العربية السعودية في 23 يناير 2015، أصدر أمرًا ملكيًا يقضي بتولّي محمد بن سلمان وزارة الدفاع بالإضافة إلى تعيينه رئيسًا للديوان الملكي ومستشارًا خاصًا للملك، ثم أتبعه بأمر ملكي آخر يقضي بإنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة محمد بن سلمان.

وزارة الدفاع

جاء تعيين محمد بن سلمان مشرفًا على مكتب وزير الدفاع في 13 يوليو 2013، وتكليفه بإصلاح وزارة الدفاع، في مرحلة كانت الوزارة تعاني فيها من مشاكل كبيرة، قال عنها محمد بن سلمان: «بأنها مشاكل استعصى إيجاد حلول لها على مدى سنين»، ولمعالجة ذلك، غيّر محمد إجراءات شراء الأسلحة وإجراءات التعاقد ونُظم استخدام وإدارة تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية، كما انتدب مجموعة شركات استشارية عالمية، من بينها: شركة بوز ألن هاملتون (بالإنجليزية: Booz Allen Hamilton)‏ وشركة ماكنزي الاستشارية، لوضع خطط لتحديث وتنظيم الوزارة، كما أعاد تفعيل دائرة الشؤون القانونية وتعزيز وجودها في الوزارة بعد أن كانت «مُهمَّشة» قبل وصوله، فأعاد عشرات العقود لدراستها والنظر فيها، كما أنشأ مكتبًا لتحليل صفقات الأسلحة والتأكد من سلامتها بعد اكتشافه عمليات شراء أسلحة لم تُعرض لفحص الجودة كما هو مطلوب وصُوّرت للقيادة بشكل خاطئ، إضافة إلى عدم وجود هدف واضح من امتلاكها وهو الأمر الذي جعل الوزارة ساحة لإبرام عقود سيئة و«مصدرٍ كبيرٍ للفساد» على حد وصف فهد العيسى مدير عام مكتب وزير الدفاع السعودي، الذي وصف وضع الوزارة آنذاك بقوله: «نحن (أي السعودية) رابع أكبر منفق عسكري في العالم، ولكن عندما يتعلق الأمر بنوعية أسلحتنا، لا نكاد نكون من ضمن أفضل 20 دولة.»

في 23 يناير 2015، بات محمد بن سلمان سابع وزير دفاع في تاريخ السعودية، إثر الأمر الملكي الصادر من الملك سلمان بن عبد العزيز الذي عيّن بموجبه محمد وزيرًا للدفاع، ليُصبح ابن سلمان بذلك التاريخ رئيسًا لمجلس إدارة المؤسسة العامة للصناعات العسكرية، بصفته وزيرًا للدفاع.

في 25 أبريل 2016، حدّد ابن سلمان لوزارة الدفاع خمسة أهداف إستراتيجية تنفيذًا لرؤية السعودية 2030، وهي: تحقيق التفوق والتميز العملياتي المشترك، تطوير الأداء التنظيمي، تطوير الأداء الفردي ورفع المعنويات، تحسين كفاءة الإنفاق ودعم توطين التصنيع العسكري، وتحديث المعدات والأسلحة.

استمر محمد بن سلمان وزيرًا للدفاع حتى 27 سبتمبر 2022، حيث أصدر الملك سلمان أمرًا ملكيًا بإعادة تشكيل مجلس الوزراء قضى فيه بأن يكون الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيسًا لمجلس الوزراء.

توطين الصناعات العسكرية

محمد بن سلمان آل سعود 
وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر بجانب محمد بن سلمان أمام مدخل مبنى البنتاغون في 13 مايو 2015.

بدأ محمد بن سلمان في عام 2016، بوضع الأسس لبرنامج حكومي توطين الصناعات العسكرية في السعودية، يستهدفُ من خلاله توطين 50% من الإنفاق العسكري السعودي. وفي نوفمبر 2016، أُعلِنَ عن لقاءاتٍ جرت بين محمد بن سلمان ورؤساء كل من شركة ريثيون الأميركية، إضافة إلى شركتي داسو وتاليس الفرنسيتين، تباحث فيها معهم حول توطين الصناعات العسكرية في السعودية، كما التقى في فبراير 2017، السيدة «مارلين هيوسن» الرئيس التنفيذي لشركة لوكهيد مارتن.

بعد أشهر من ذلك، أُعِلن عن تأسيس الشركة السعودية للصناعات العسكرية في 17 مايو 2017، وكشف محمد بن سلمان بمناسبة ذلك عن أن: «الإنفاق العسكري الداخلي السعودي لا يتجاوز نسبة 2% من مجموع الإنفاق الحكومي السعودي»، مع أن «المملكة العربية السعودية تعتبر من أكبر خمس دول إنفاقًا على الأمن والدفاع على مستوى العالم»، رادًا هذه المؤشرات إلى «الفساد»، بحسب تعبيره، موضحًا أن أهداف الشركة السعودية للصناعات العسكرية أن تكون محفزًا أساسيًا للتحول في قطاع الصناعات العسكرية السعودية وداعمًا لنمو القطاع ليُصبح قادرًا على توطين نسبة 50% من إجمالي الإنفاق الحكومي العسكري في المملكة بحلول العام 2030، وذلك عبر زيادة الصناعات العسكرية المحلية وزيادة الصادرات، وجلب استثمارات أجنبية إلى السعودية عن طريق الدخول في مشروعات مشتركة مع كبريات شركات الصناعة العسكرية العالمية، وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الطلب على المنتجات المحلية من المكونات الأولية والمواد الخام كالحديد والألمونيوم، والخدمات اللوجستية وخدمات التدريب. تلا ذلك بثلاثة أشهر إنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية التي تهدف لتنظيم قطاع الصناعات العسكرية في السعودية وتطويره ومراقبة أدائه وإدارة عمليات المشتريات العسكرية والبحث والتطوير، إصدار تراخيص التصنيع والتصدير والتفاوض مع الجهات والشركات العالمية لتوطين التقنيات العسكرية.

في عام 2018، كشفت تقارير دولية أن حجم الإنفاق العسكري السعودي اقترب من حاجز سبعين مليار دولار في العام 2017، لتصبح في المركز الثالث بعد الولايات المتحدة والصين، متقدمةً على روسيا الاتحادية. صاحب ذلك الإعلان زيارة لمحمد بن سلمان إلى سياتل الأمريكية في مارس 2018، حيث وقّعت «الشركة السعودية للصناعات العسكرية» اتفاقًا مع شركة بوينغ، لتوطين 55% من عمليات «الصيانة والإصلاح وعمرة الطائرات الحربية ذات الأجنحة الثابتة والطائرات العمودية» في المملكة العربية السعودية، إضافة إلى «نقل تقنية دمج الأسلحة على تلك الطائرات وتوطين سلسلة الإمداد لقطع الغيار»، ونشرت تقارير عن توقيع الشركة السعودية للصناعات العسكرية أربع مذكرات تفاهم أخرى مع كل من شركة «تقنية» للطيران باستثمار تجاوز ستة مليارات دولار، إلى جانب الشركات الأمريكية رايثيون، لوكهيد مارتن وجنرال ديناميكس باستثمارات بنحو 12.494 مليار دولار، ليبلغ إجمالي العقود المبرمة 18.5 مليار دولار.

وكانت الشركة السعودية للصناعات العسكرية قد أبرمت بتوجيهات محمد بن سلمان 18 اتفاقية إستراتيجية حتى ديسمبر 2018 مع شركات عالمية ومحلية كبرى في مجالات التقنية، الدفاع، الأمن، البحث والتطوير، وتضمنت الاتفاقيات مذكرات اتفاق وتفاهم وتعاون مع كلٍّ من: بوينغ، لوكهيد مارتن، باراماونت، هينسولت، إل3 تكنولوجيز، بي إيه إي سيستمز، إيرباص، إم بي دي إيه، ليوناردو، إليترونيكا الإيطالية ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومركز الأمير سلطان للدراسات والبحوث الدفاعية.

وعلى هامش إطلاق محمد بن سلمان برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية في 28 يناير 2019، الذي ينفذ أكثر من 300 مبادرة، ويعمل على تطوير 11 صناعة منها صناعة السيارات والصناعات العسكرية، وقَّعت الشركة السعودية للصناعات العسكرية برعايتهِ على عقدي تأسيس كيانين تجاريين بنظام المشروع المشترك مع كل من شركة تاليس الفرنسية وشركة «سي إم آي للدفاع» البلجيكية (بالإنجليزية: CMI Defense)‏، ويشمل المشروع المشترك مع شركة «تاليس» مجالات عدة؛ أبرزها توطين صنع وإنتاج: رادارات الدفاع الجوي قصير المدى والصواريخ المضادة، أنظمة القيادة والتحكم (C2)، الصواريخ متعددة المهام، صواعق القنابل الموجهة، أنظمة الاتصال البيني، وكذلك الاستثمار في المرافق والمعدات داخل السوق المحلية بنسبة توطينٍ تصل إلى 70%.

كذلك وقعت الشركة في 17 فبراير 2019، خلال معرض الدفاع الدولي في دورته لذلك العام، اتفاقًا مع مجموعة نافال الفرنسية لإنشاء شركة سعودية في مجال الدفاع البحري السعودي، إضافة إلى توقيع اتفاق آخر في نفس المعرض مع شركة إل3 تكنولوجيز الأمريكية لتطوير مشاريع تقنيات الأشعة الكهروضوئية والأشعة تحت الحمراء وأنظمة المهام الخاصة داخل السعودية.

ولاية العهد

مع إعفاء الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود من منصب ولي العهد بناء على طلبه في 29 أبريل 2015، واختيار الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود وليًا للعهد، صدر أمر ملكي ينص على اختيار محمد بن سلمان وليًا لولي العهد وتعيينه نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره في منصب وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. وقد تزايدت النشاطات السياسية لمحمد بن سلمان بعد توليه منصب ولي ولي العهد، حيث شارك في عدد من المؤتمرات السياسية والزيارات الدبلوماسية الخارجية.

في 21 يونيو 2017، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز أمرًا ملكيّا - بعد إعفاء الأمير محمد بن نايف من منصبه – يقضي باختيار محمد بن سلمان وليًا للعهد وتعيينه نائبًا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيرًا للدفاع. كما أصبح يرأس مجلسي الشؤون الاقتصادية والتنمية والشؤون السياسية والأمنية، وقد أقيمت مراسم البيعة في قصر الصفا في مكة المكرمة، حيث بويع من قبل السعوديين. وكان محمد بن سلمان قد اختير لولاية العهد بأغلبية أعضاء هيئة البيعة، بعد أن عُرِضَ القرار عليهم، بأن نال 31 صوتًا من أصل 34 صوتًا، وهي أعلى نسبة تصويت تشهدها هيئة البيعة منذ إنشائها.

رئاسة مجلس الوزراء

في 27 سبتمبر 2022، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز أمرًا ملكيّا يقضي بأن يكون الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيسًا لمجلس الوزراء، في استثناء من حكم المادة السادسة والخمسين من النظام الأساسي للحكم، ومن الأحكام ذات الصلة الواردة في نظام مجلس الوزراء، ونصت المادة الثانية من الأمر الملكي على أن تكون جلسات مجلس الوزراء التي يحضرها الملك سلمان بن عبد العزيز برئاستهِ.

الرؤية السياسية

يرى عددٌ من الباحثين في الشأن السعودي أن ابن سلمان لديه نفوذ قوي ومتزايد في القرارات السيادية في المملكة العربية السعودية، كون والده هو الملك؛ فتحدثت تقارير مختلفة عن التغييرات الجذرية التي بدأت بالظهور على الدولة السعودية فور ظهور محمد على الساحة السياسية، وعزت هذه التقارير قرارات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي التي اتخذتها الحكومة في العام 2016 - بما فيها سحب سلطة الضبط الجنائي من الشرطة الدينية بالمملكة والعمل على تنويع مصادر الدخل وتقليل الفجوة بين الواردات والمصروفات بتقليل العجز في الميزانية - إلى محمد بن سلمان وذكرت أنه هو من كان يقف وراءها. يقول مراقبون إن هذه القرارات التي صدرت إبّان تولّيه منصب ولي ولي العهد، واستمرت بعد أن تولّى ولاية العهد، يُراد بها أن تحدث تحوّلا جذريًا في المملكة العربية السعودية. فهو يريد أن يحوّل اقتصاد المملكة العربية السعودية القائم على الاعتماد على النفط كمصدر دخل رئيسي ووحيد للدولة، إلى اقتصاد متنوّع ومتعدّد المجالات، حيث، من جهة يحفظ للسعودية بقاءها كمصدر رئيس للطاقة في «عالم ما بعد النفط»، ومن جهة أخرى يجعل السعودية في مأمن من «تقلبات أسعار النفط»، بذلك يحافظ على استمرار دعم مشاريع الدولة التنموية حتى إنجازها، والتي يستهدف بها تحويل السعودية إلى وجهة اقتصادية وسياحية عالمية.

وكان محمد بن سلمان قد وعد بإنهاء علاقة ارتهان الدولة السعودية بالنفط والتي وصفها بـ«الإدمان». ويرى ابن سلمان أن السعودية لم تستغل إلا 10% من قدراتها وإمكاناتها الطبيعية والاقتصادية. وتعليقًا على المشاريع الاقتصادية والتنموية الكبرى التي أطلقها، والتي شبهت بعض وسائل الإعلام، جزءا منها بتلك التي أُقيمت في المنطقة الجنوبية من منطقة خليج سان فرانسيسكو في كاليفورنيا، صرّح لمجلة تايم قائلًا: «إننا نرسم خطتنا بناءً على مكامن القوة لدينا. فلا نريد أن نقلد غيرنا، ولا نريد أن نبني وادي السيلكون». ويهدف محمد بن سلمان إلى جعل صندوق الاستثمارات العامة أكبر صندوق ثروة سيادية على مستوى العالم وأكثرها تأثيرًا، بقيمة تتجاوز تريليوني دولار أمريكي، وذلك بحلول العام 2030. وقد ترأس محمد بن سلمان «صندوق الاستثمارات العامة» في 23 مارس عام 2015، حيث قام بمراجعة استراتيجيته الاستثمارية لدعم التنوع بعيدا عن النفط. وتشير التقارير أن قيمة الصندوق الذي أنشئ في العام 1971، كانت بحدود 5.3 مليار دولار في أبريل من العام 2016، وبعد عدد من الاستثمارات التي قام بها محمد بن سلمان، قفزت أصول الصندوق في أكتوبر 2016، إلى مائة وستين مليار دولار. لتصل أصول الصندوق في نهاية 2020م إلى أكثر من 399 مليار دولار.

الإصلاحات الداخلية

إصلاحات اجتماعية

حقوق المرأة السعودية

أخذت توجهات محمد بن سلمان الإصلاحية بشأن تمكين المرأة السعودية تتمثّل بصورة سريعة ما إن أصبح وريثًا واضحًا للحكم في السعودية، وكانت أولى تلك الإشارات ما نُشِر في حوار مطوّل له أجري في 16 أبريل 2016، مع مجلة بلومبرغ الاقتصادية، حين قال: «نحن نؤمن أن لدى النساء حقوقًا في الإسلام لم يحصلن عليها بعد.» في حين كانت أكثر تلك الإشارات بروزًا حين عرض بعدها بأيام في 25 أبريل 2016، رؤيتهِ للسعودية في عام 2030، وهي الرؤية التي كفلت المساواة بين جميع المواطنين من كلا الجنسين، وأصبحت تُعرف باسم رؤية السعودية 2030، إذ أشار بوضوح إلى أنه لا يمكن للمملكة العربية السعودية أن تزدهر في ظل الحد من حقوق نصف المجتمع، في إشارة منه إلى الحقوق المسلوبة من المرأة السعودية.

دفعت رؤية محمد بن سلمان إلى تسارع وتيرة الإصلاح الاجتماعي، وكان من أهم تلك الإصلاحات رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة وزيادة نسبة مشاركتها في سوق العمل، واتخاذ إجراءات مهمة لإسقاط نظام الولاية على المرأة، وهو النظام الذي كان سببًا في تحجيم دور المرأة السعودية على مدى عقود طويلة، خاصة منذ نهاية سبعينيات القرن العشرين، حين بدأت التيارات المحافظة في المملكة بالنشاط.

وفي لقاء له في عام 2018، صرح أن: «النساء السعوديّات - في عهده - أصبح لديهن حقوق جديدة، حيث بات بإمكانهن البدء في التجارة والانضمام إلى السلك العسكري السعودي وحضور الحفلات والأحداث الرياضية، وبعد أشهر قليلة سيكون بمقدورهن الجلوس خلف مقود السيارة».

وصفت صحيفة نيويورك تايمز هذه الإصلاحات بأنها خطوات واسعة وغير مسبوقة في تاريخ المملكة العربية السعودية وأنها ستؤثر جذريًا على حياة المرأة السعودية، في حين وصفت محمد بن سلمان بأنه: «أحد أكثر القادة السعوديين ديناميكية».

رفع الحظر عن قيادة المرأة في السعودية

عُدّت قضية حظر المرأة من قيادة السيارة في السعودية، إحدى قضايا الرأي العام التي شغلت المجتمع السعودي، إذ انفردت السعودية بكونها البلد الوحيد في العالم الذي مُنِعت النساء فيها من قيادة السيارات، وكان قرار عدم السماح للنساء بالقيادة قائمًا بحكم الأمر الواقع من خلال عدم وجود ترخيص بإصدار رخص قيادة لهن، بالرغم من عدم وجود قانون سعودي صريح يمنع المرأة من القيادة. في 16 أبريل 2016، كشف محمد بن سلمان بأنه ليس لديه مشكلة مع المؤسسة الدينية الرسمية فيما يخص قيادة المرأة للسيارة، مشيرًا إلى أن المشكلة: «التي أعمل على حلها هي مع أولئك الذين يشوهون الحقائق على المؤسسة الدينية كي لا تحصل النساء على حقوقهن الكاملة التي كفلها لهن الإسلام»، حسبما جاء في حواره مع مجلة بلومبيرغ الاقتصادية. جاء رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة في السعودية في 26 سبتمبر 2017، بعد مضي ثلاثة أشهر على تولي ابن سلمان ولاية العهد، حيث صدر أمر ملكي من قبل الملك سلمان بن عبد العزيز، نص على منح النساء حق القيادة وتوجيه إدارة المرور بالبدء في إصدار رخص القيادة للنساء في 24 يونيو 2018، وقد صدرت أول رخصة قيادة لامرأة سعودية في 4 يونيو 2018.

إنهاء نظام الولاية على المرأة

بدأت فعليًا إجراءات إلغاء نظام الولاية على المرأة في السعودية في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، تحديدًا بعد تولي محمد بن سلمان ولاية العهد في المملكة وإطلاقه رؤية السعودية 2030 في العام 2016، حيث دفع إلى إلغاء النظام كُليًا. وكان ابن سلمان قد صرّح لمجلة ذا أتلانتيك في الأوّل من أبريل 2018، قائلًا: «قبل العام 1979 كانت هناك عادات اجتماعية أكثر مرونة، ولم تكن هناك قوانين للولاية في السعودية»، في إشارة منه إلى سلسلة تشريعات متفرّقة لم تأخذ صفة القانون جرى العمل بها منذ نهاية سبعينيات القرن العشرين حدّت من حقوق المرأة السعودية باعتبارها قاصرًا بحاجة إلى ولي أمر. شملت تلك التشريعات مختلف المجالات الحقوقية بما في ذلك الصحة، التعليم، العمل، الزواج، القضاء، التنقّل والسفر، وقضت بأن المرأة لا يمكن أن تتولى شؤونها الخاصة وهي بحاجة إلى رجل يأخذ القرار عنها، ولم تُحدّد التشريعات سنًّا قانونية للمرأة تصبح فيه ولية أمر نفسها كما أنّها لم تُحدّد بالمقابل سنًّا قانونية للرجل الذي يمكنه تولي شؤون المرأة، وعُدّ أي ذكر في عائلة المرأة البالغة مؤهلًا لأن يُصبح ولي أمرها، حتى وإن لم يبلغ سن الرشد القانونية.

وُصِف نظام الولاية بأنه «جدار برلين» في السعودية، وأن الحكومة السعودية ماضية في هدمهِ وإسقاطه، تنفيذًا لرؤية السعودية 2030، إذ تضمّنت خُطط ولي العهد في الإصلاحات، خطةً لـ«تحسين أوضاع المرأة في السعودية، والاهتمام بها من خلال إدخالها في مجالات العمل، وجعلها تتولّى العديد من الأدوار والمناصب الفعّالة، مما يحقق التقدّم والإصلاح في اقتصاد المملكة» وهي الرؤية التي تعهد ابن سلمان من خلالها بالمساواة بين الرجل والمرأة، خاصة فيما يخص الحقوق والفرص والأجور.

كانت صحيفة ذي إيكونوميست البريطانية قد اعتبرت في 30 سبتمبر 2017، أن هذه الخطط والقرارات الإصلاحية بشأن المرأة تكشف عن رغبة صريحة من محمد بن سلمان في تخفيف قيود نظام الولاية على المرأة وربّما إنهائه بشكل كامل في السعودية.

في لقاء له مع شبكة سي بي إس نيوز في 16 مارس 2018 ضمن برنامج 60 دقيقة للإعلامية نورا أودونيل، قال ابن سلمان أن: «إننا قطعنا شوطًا طويلًا للغاية ولم يتبقَّ إلا طريق قصير لنقطعه،» في معرض ردّه على سؤال حول إلغاء نظام الولاية، واصفًا المدافعين عن هذا النظام ومن يعارضون اختلاط الجنسين في العمل بـ«التطرّف»، قائلًا: هؤلاء المتطرفون «يخالفون ما كان عليه الرسول والخلفاء الراشدون»، وألمح إلى قرب السماح للمرأة السعودية بعدم ارتداء «العباءة السوداء»، قائلًا: «لا يوجد نص شرعي يوجب أن تكون العباءة سوداء أو الحجاب أسودًا».

كانت الحكومة السعودية قد بدأت بإقرار قوانين عدة ألغت بموجبها أجزاءً واسعة من نظام الولاية على المرأة، وهي القوانين التي سمحت للمرأة بدخول الملاعب، دور المسارح والسينما، وكفلت لها الحق بالابتعاث والتعليم العالي في الخارج، والعمل في مختلف المجالات، بما في ذلك الحقل الدبلوماسي وتولي مناصب عُليا داخل الدولة، كانت بسبب نظام الولاية مُقتصرة على الذكور.

وجاء الأمر الملكي رقم أ/229 في 23 فبراير 2019، الذي صدر باسم الملك سلمان بن عبد العزيز ووُقِع من قبل ولي العهد نائب الملك محمد بن سلمان في سابقة هي الأولى من نوعها باتجاه إلغاء ولاية الرجل على المرأة في السفر، إذ عَيَّن الأميرة ريما بنت بندر بمنصب «سفيرة لخادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية بمرتبة وزير»، لتُصبح بذلك أول سفيرة للملكة، وأوّل امرأة سعودية تُعيّن بمنصب كبير ومهم في تاريخ السعودية. وفي 30 يوليو 2019، أمر الملك سلمان بإجراء سلسلة تعديلات ألغى إثرها الجانب الأعظم من نظام ولاية الرجل على المرأة، وجاء ضمن التعديلات التي نُشرت في 2 أغسطس 2019 في صحيفة أم القرى ودخلت حيّز التنفيذ في نهاية أغسطس من العام نفسه: حق المرأة السعودية باستخراج جواز سفر بنفسها أسوة بالرجل، وحقها بالسفر ما إن تبلغ سن 21 عامًا دون قيد أو شرط، وحقها بطلب تسجيل طفلها المولود، بعد أن كان الأمر مقتصرًا على الزوج، وحقها بطلب الحصول على سجل الأسرة الخاص بها من إدارة الأحوال المدنية، بعد أن كان الأمر مقتصرًا على الرجل بوصفه رب الأسرة، وحقها في أن تكون ربًا لأسرتها مثلها مثل زوجها.

الانفتاح على العالم

وقد جاء قرار منح التراخيص لفتح دور للسينما في السعودية بعد أربعين سنة من المنع، إضافة إلى قرار إنشاء الهيئة العامة للترفيه في السعودية، في إطار حملة الانفتاح المجتمعي التي يقودها محمد بن سلمان، وقد بدأت الهيئة منذ تأسيسها بإقامة حفلات غنائية وترفيهية في السعودية بشكل متواصل، كذلك في سياق الانفتاح أسست في فبراير 2020، هيئات ثقافية متعددة لتهتم من جانب بالموروث الثقافي السعودي حيث تعمل على حفظه ونشره على الصعيد الوطني والإقليمي والعالمي بعد أن كان مغيباً في ظل التشدد الذي كان يُخيم على الأجواء في المملكة ومن جانب آخر لتؤسس قطاعات ثقافية للمساهمة في التنويع الاقتصادي، ومن هذه الهيئات: هيئة التراث، وهيئة المتاحف، وهيئة الأفلام، وهيئة الموسيقى، وهيئة المكتبات.

مكافحة الفساد

محمد بن سلمان آل سعود 
ولي العهد محمد بن سلمان رئيس لجنة مكافحة الفساد التي أمرت بالملاحقات القانونية.

كان ولي العهد السعودي قد صرح في 25 أبريل 2016، بأن الملك سلمان بن عبد العزيز أبدى عدم رضاه عن الدور الذي تقوم به هيئة مكافحة الفساد السعودية، مُشيرًا إلى أن الملك أحدث تغييرات في الهيئة منذ اليوم الأوّل الذي تولى فيه الحكم، مفصحًا في 2 مايو 2017، بأن الحكومة السعودية تؤمن بأن سياسة مكافحة الفساد إذا لم تكن على رأس السلطة، فلن تكون هناك مكافحة فساد حقيقية ولن تكون هناك تنمية وازدهار مهما عملت، متعهدًا بأنه: «لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد سواءً وزيرًا أو أميرًا أو أيًا كان».

في 4 نوفمبر 2017، أصدر الملك سلمان أمرًا ملكيًا بتشكيل لجنة عليا برئاسة محمد بن سلمان، وعضوية كل من: رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، رئيس ديوان المراقبة العامة، النائب العام ورئيس أمن الدولة، وأبرز ما حُدّد لها من مهام: حصر المخالفات في قضايا الفساد العام، «التحقيق وإصدار أوامر القبض والمنع من السفر وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أيًّا كانت صفتها»، اتخاذ ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام وإعادة الأموال للخزينة العامة للدولة. عُرِفت اللجنة لاحقًا باسم اللجنة العليا لمكافحة الفساد.

إثر ذلك بدأت اللجنة بحملة ملاحقات قانونية، لعدد من مسؤولي الدولة في السعودية، كان على رأس هؤلاء شخصيات من العائلة الحاكمة وأخرى اقتصادية شهيرة، حيث وجهت لهم تهمًا بالفساد. نتج عن حملة الاعتقالات، إجراءات قانونية تمثلت بتحفظ الحكومة السعودية على أموال المتهمين، الذين وضعت طائراتهم الخاصة تحت الحراسة، لمنع هروبهم إلى خارج السعودية، كما شُدِّدت المراقبة على المطارات السعودية لمنع هروب أي متهم ما يزال تحت التحقيق. وقد أُوقِف المتهمون وأُودِعوا في فندق ريتز كارلتون بالعاصمة الرياض، الذي أُخلي من جميع النزلاء، وأوقفت فيه جميع خدمات الحجز. كذلك قُطِعت جميع خطوط الاتصال الهاتفي به.

في أعقاب الحملة، قال محمد بن سلمان في وصفه لحملة مكافحة الفساد التي يقودها في السعودية: «إن جميع حروب الحكومة السعودية في القضاء على الفساد فشلت، ذلك لأن تلك الحملات بدأت عند الطبقة الكادحة صعودًا إلى غيرها من الطبقات المرموقة»، مُستطردًا: «أمّا اليوم فالأمر مختلف، ذلك أن الملك سلمان بن عبد العزيز قطع عهدًا على نفسه بوضع حدٍ لـ (عمليات الفساد التي كانت مستشريه في هيكل الدولة)»، كاشفًا عن أن الملك سلمان فور توليه مقاليد الحكم أمر بجمع كل البيانات المُتعلقة بالفساد، عند الطبقة العُليا في السعودية، وهو ما استغرق عامين كاملين، جُمعَتْ خلالهما قائمة مسندة إلى معلومات دقيقة، تضم قرابة مائتي اسم، مُبيِّنًا «أن 95% من المتّهمين وافقوا على إعادة الأموال التي اختلسوها من أموال الدولة». وعن الإجراءات القانونية المتخذة ضد المتهمين، قال: «كل إجراءات مكافحة الفساد كانت ضرورية، واُتّخِذَت بناءً على قوانين واضحة ومعمول بها؛ بهدف إيصال رسالة عدم التهاون مع أي فساد»، منوهًا إلى أن «الهدف الأول للحملة هو معاقبة الفاسدين وليس تحصيل الأموال». وتعليقًا على بعض ما روّجته وسائل الإعلام - المحسوبة على أطراف مضادة للسعودية - إلى أن حملة الاعتقالات استهدفت وصول محمد بن سلمان إلى سدّة الحكم في السعودية، قال بن سلمان: «إنه لأمرٌ مضحك أن يقول أحد إن حملة مكافحة الفساد هذه كانت وسيلة لانتزاع السُلطة، فالأعضاء البارزين من المُحتجزين في ريتز أعلنوا مسبقًا بيعتهم لي ودعمهم لإصلاحاتي، كما أن الغالبية العظمى من أفراد العائلة الحاكمة تقف في صفي»، مضيفًا: «لطالما عانت دولتنا من الفساد منذ ثمانينيات القرن العشرين حتى يومنا هذا». وبحسب محمد بن سلمان، فإن تحقيقات اللجنة العليا لمكافحة الفساد توصلت إلى «أن ما يُقارب 10% من الإنفاق الحكومي السعودي كان قد تعرّض إلى الاختلاس أو الهدر، منذ بداية الثمانينيات، بسبب الفساد من كلتا الطبقتين: العُليا والكادحة».

وفي 30 يناير 2018، أُعْلِنَ في السعودية عن أن «الحكومة السعودية نجحت في جمع أكثر من مائة وسبعة مليارات دولار أمريكي تتضمن مختلف أنواع الأصول وتشمل عقارات وكيانات تجارية وأوراق مالية ونقد وغيرها، من خلال تسويات مالية مع رجال الأعمال والمسؤولين الذين جرى استدعاؤهم في إطار التحقيقات في حملة مكافحة الفساد». مثَّل الإعلان نصرًا سياسيًا لولي العهد محمد بن سلمان، الذي توقّع - عند تدشين حملة التطهير - بأن يصل صافي التسويّات إلى نحو مائة مليار دولار أمريكي.

وبعد انتهاء المرحلة الأولى من حملة مكافحة الفساد التي استهدفت محاسبة كبار الفاسدين في السعودية الذين يُعرفون باسم «هوامير الفساد» أو «الرؤوس الكبيرة الفاسدة» على حد وصف مازن الكهموس رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية، أُعلن عن بدء المرحلة الثانية التي تستهدف محاسبة الفاسدين من الموظفين الحكوميين المتوسطين والصغار، وأشار الكهموس بأن محمد بن سلمان وجهه بتغيير منظومة عمل الهيئة والقضاء على الإجراءات البيروقراطية السابقة وبإعلامه عن أيّ وزير لا يتعاون مع الهيئة.

وفي 12 نوفمبر 2020، في كلمة لمحمد بن سلمان في الجلسة الافتتاحية لأعمال السنة الأولى من الدورة الثامنة لمجلس الشورى السعودي، وصف الفساد الذي كان منتشرًا «خلال العقود الماضية» في المملكة العربية السعودية بأنه مثل مرض السرطان، كاشفًا بأنه كان «يستهلك 5% إلى 15% من ميزانية الدولة»، وهو يرى أنه كان سببًا في انخفاض مستوى الخدمات والمشاريع وعدد الوظائف في السعودية من 5% إلى 15% على أقل تقدير. يعتقد ابن سلمان أن سوء الأداء الإداري الذي خلقه الفساد لم يكن لسنة أو سنتين فقط، ولكنه تراكم على مدى ثلاثين سنة، وعدَّ الفساد العدو الأول للتنمية والازدهار، واصفًا إياه «بالآفة» التي تسبّبت في ضياع العديد من الفرص الكبيرة في السعودية، متوعدًا بأن الفساد: «أصبح من الماضي ولن يتكرر بعد اليوم على أي نطاق كان دون حساب قوي ومؤلم لمن تسوّل له نفسه، كبيرًا أو صغيرًا».

أعلن ابن سلمان في عام 2020، أن متحصلات تسويات مكافحة الفساد ما بين عامي 2017 و2020، قد بلغت 247 مليار ريال سعودي، ومثّل ذلك ما نسبته 20% من إجمالي الإيرادات غير النفطية السعودية، مشيرًا إلى أن وزارة المالية تعمل على تسييل أصول أخرى بعشرات المليارات نُقِلت إليها، لتُسجل لاحقًا في إيرادات الدولة.

ويرى خبراء إلى أن السعودية بهذه الحملات تضع أقدامها نحو الانتقال لاقتصاد السوق الحر والعمل على تشجيع الاستثمارات التي تعد عصب الاقتصاد السعودي لمرحلة ما بعد النفط وفقًا لرؤية السعودية 2030، مشيرين إلى أن محمد بن سلمان يعتقد أن وجود فساد مالي في إدارة اقتصاد مثل اقتصاد المملكة العربية السعودية يؤدي إلى هدر الموارد المالية ويهدد فرص نمو الاقتصاد ومواكبة التحولات في الاقتصاد العالمي، وأن السعودية معنية بمكافحة الفساد بشكل جذري وبأثر رجعي لضمان الانتقال نحو الاقتصاد الآمن، وقطع الطريق أمام انتشار المحسوبية التي تعد أحد أهم المعوقات التي تعيق التطور الاقتصادي الوطني، وتؤخر خلق التنمية المستدامة.

وفي التقرير السنوي الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، تقدمت السعودية سبعة مراكز عالمية في ترتيب مؤشر مدركات الفساد لعام 2019؛ إذ ارتفعت إلى المركز الـ51 عالمياً من أصل 180 دولة، متقدمة بذلك في مركزها بين دول مجموعة العشرين لتحقق المركز العاشر.

إصلاح التعليم

في 15 سبتمبر 2021، أطلق محمد بن سلمان برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030، وهو يهدف إلى إصلاح نظام التعليم، وتتضمن خطة البرنامج: «89 مُبادرة بهدف تحقيق 16 هدفًا استراتيجيًا من أهداف رؤية المملكة 2030»، وتشتمل استراتيجية البرنامج ثلاث ركائز رئيسة، هي: «تطوير أساس تعليمي متين ومرن للجميع، والإعداد لسوق العمل المستقبلي محليًا وعالميًا، وإتاحة فرص التعلم مدى الحياة»، للمساهمة في تعزيز «قيم الوسطية والتسامح، والعزيمة والمثابرة، والانضباط والإتقان، بما يحقق قيم المواطنة العالمية ويعزز من تنافسية وقدرات المواطن السعودي»، على حد ما جاء في تعريف البرنامج.

إصلاح القضاء

تعرض القضاء السعودي منذ عقود لانتقادات حقوقية بسبب «بطء إجراءات التقاضي التي قد تمتد إلى فترات غير محدودة»، «والغموض الذي يخيم على آلية صدور الأحكام»، «وخلوه من الضمانات»، وقد نتج ذلك لافتقاد النظام القضائي السعودي لمدونة شرعية قانونية جامعة وعامة يرجع القضاة إليها احتكامًا قبل إصدار الأحكام، وافتقاده لنظام السوابق القضائية، بسبب إعمال الاجتهاد في إصدار الأحكام ورفض التقليد، مما أتاح لأي قاض تجاهل الأحكام السابقة سواء صدرت عنه أو عن غيره، ومكنه من تطبيق تفسيره للنصوص الشريعة، الأمر الذي أوجد اختلافات كبيرة في تفسير نصوص الشريعة وفي تطبيقها، مما أوجد أحكامًا متباينة حتى في القضايا المتشابهة. دفع هذا التباين إلى مطالبات نادت بتدوين الشريعة لضبط القضاء، ليُعلن وزير العدل في عام 2010 عن خطط لتدوين الشريعة، إلا إنها ووجهت بمقاومة من التيار الديني المسيطر على القضاء. وسبق ذلك الإعلان بثلاث سنوات أن نشرت وزارة العدل السعودية إصدارها الأوّل من مدونة الأحكام القضائية، ورغم تتابع الإصدارات إلا إنها حددت الهدف من وراء مشروع المدونة بالتوثيق ونشر الفائدة للاستئناس عند الاجتهاد، وكان محمد بن سلمان قد صرّح في 8 فبراير 2021، أن «مدونة الأحكام القضائية اتضح بعد الدراسة بأنها لا تفي باحتياجات المجتمع وتطلعاته».

كانت السعودية ضمن خطة إصلاحات واسعة في مجال حقوق الإنسان قد قلصت من صلاحيات الأحكام التعزيرية المتروكة لتأويلات القضاة، حيث أوقفت أحكام القتل تعزيرًا على الأشخاص الذين لم يتموا 18 عامًا وقت ارتكابهم الفعل المعاقب عليه، وشمل هذا مرتكبي الجرائم الإرهابية الذين صدرت بحقهم أحكام نهائية، كما ألغت عقوبة الجلد وقررت استبدالها بعقوبتي السجن أو الغرامة، أو بعقوبات بديلة بحسب ما يصدره ولي الأمر من أنظمة أو قرارات بهذا الشأن. وفي 8 فبراير 2021، انتقد محمد بن سلمان افتقار القضاء لمنظومة تشريعات متخصصة، مشيرًا إلى أن ذلك «أدّى إلى تباين في الأحكام وعدم وضوح في القواعد الحاكمة للوقائع والممارسات ما أدّى لطول أمد التقاضي الذي لا يستند إلى نصوص نظامية، علاوة على ما سبَّبهُ ذلك من عدم وجود إطار قانوني واضح للأفراد وقطاع الأعمال في بناء التزاماتهم»، مضيفًا «لقد كان ذلك مؤلمًا للعديد من الأفراد والأسر، لا سيما للمرأة، ومكّن البعض من التنصل من مسؤولياته»، معلنًا عن إطلاق مشروع «منظومة التشريعات المتخصصة»، بهدف «تطوير البيئة التشريعية، من خلال استحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق وتُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان وتحقّق التنمية الشاملة، وتعزّز تنافسية المملكة عالميًا من خلال مرجعياتٍ مؤسسيةٍ إجرائيةٍ وموضوعيةٍ واضحةٍ ومحددةٍ»، مشيرًا إلى أن عملية تطوير المنظومة التشريعية في المملكة مستمرة، وستصدر هذه التشريعات تباعًا، بعد أن تُحال على مجلس الوزراء وأجهزته لدراستها ومراجعتها وفق الأصول التشريعية؛ تمهيدًا لإحالتها على مجلس الشورى وفقًا لنظامه، ومن ثم إصدارها وفقًا للأصول النظامية المتبعة في هذا الشأن.

منظومة التشريعات المتخصصة

كشف محمد بن سلمان عن أن «منظومة التشريعات المتخصصة» تضم أربعة مشروعات أنظمة تعمل السعودية على إعدادها، وهي مشروع نظام الأحوال الشخصية، ومشروع نظام المعاملات المدنية، ومشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، ومشروع نظام الإثبات، مشيرًا إلى أن هذه المنظومة «ستُمثِّلُ موجة جديدة من الإصلاحات، التي ستُسهم في إمكانية التنبؤ بالأحكام ورفع مستوى النزاهة وكفاءة أداء الأجهزة العدلية وزيادة موثوقية الإجراءات وآليات الرقابة، كونها ركيزة أساسية لتحقيق مبادئ العدالة التي تفرض وضوحَ حدود المسؤولية، واستقرار المرجعية النظامية بما يحدّ من الفردية في إصدار الأحكام»، مبينًا أن المنظومة ستلتزم «بأحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، بما لا يتعارض مع الأحكام الشرعية»، وأنها «سيراعي التزامات المملكة فيما يخصُّ المواثيق والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها». وقد أقر مجلس الوزراء في 28 ديسمبر 2021 نظام الإثبات.

الدين

وصل محمد بن سلمان إلى ولاية العهد في ظل هيمنة التيار الديني الحركي على مجمل الحياة العامة في السعودية، هيمنة نتجت عن سطوة مطلقة فرضها التيار على التربية والتعليم والثقافة والإعلام والقضاء، حتى اتسمت البلاد بطابع التزمت الديني الذي أثر على طبيعة المجتمع السعودي وعكس صورة مغايرة عن حقيقة البلاد.

القرآن والسنة

في مقابلة للأمير محمد بن سلمان، بُثت في 27 أبريل 2021، في الذكرى الخامسة للإعلان عن رؤية السعودية 2030، قال إن السعودية في الجوانب الشرعية: «ملزمة بتطبيق أحكام القرآن وأحكام الحديث المتواتر، وتنظر إلى حديث الآحاد وفقًا لدرجة صحته، ولا تنظر إلى «الخبر» بتاتًا إلا إن كان فيه مصلحة واضحة للإنسان»، مضيفًا: «ألا عقوبة على شأن ديني إلا بنص قرآني قطعي الدلالة»، وأن السلطة غير ملزمة بمحاسبة الأفراد على أمر لم يُنزل الله به حكمًا عقابيًا دنيويًا، مشيرًا إلى أن القرآن هو دستور السعودية. وفي معرض سؤاله عن مدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إن كانت هي الدائرة التي يلزم تفسير القرآن والحديث في حدودها، قال: إن المملكة غير ملزمة بالأخذ بتفسير مدرسة فقهية واحدة أو عالم فقيه واحد في تطبيق أحكام الإسلام، وأن الالتزام بذلك هو تأليه للبشر وغلق لباب الاجتهاد، في حين «لم يضع الله حجابًا بينه وبين الناس».

الوسطية

حين سئل محمد بن سلمان عن مفهومه للاعتدال، قال في 27 أبريل 2021، إن: «[كلمة] الاعتدال واسعة للغاية، فجميع فقهاء المسلمين اجتهدوا بمفهوم الاعتدال منذ أكثر من 1000 عام»، وإنه «غير قادر على شرح الكلمة»، لكنه أشار إلى أن مفهوم الاعتدال عنده هو: «الالتزام بدستور المملكة العربية السعودية أي القرآن والسنة اللذين يشكّلان أساس نظام الحكم في السعودية ... وتطبيقه على أكمل وجه وبمفهوم واسع يشمل الجميع»، وعن مصطلح «الإسلام المعتدل»، قال إن استخدام: مصطلح «الإسلام المعتدل» قد يجعل المتطرفين والإرهابيين سعداء، ذلك أنه قد يوحي أن السعودية والبلدان الأخرى [التي انتهجت الوسطية] تعمل على تغيير الإسلام إلى شيءٍ جديد، بينما هي عودة إلى أصل وجذور الإسلام، رجوع «إلى تعاليم الإسلام الحقيقية، التي عاش بها الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الأربعة الراشدون، حيث كانت مجتمعاتهم منفتحة ومسالمة، يعيش المسلمون فيها جنبًا إلى جنب المسيحيين واليهود»، مشيرًا إلى أن «هذه التعاليم أرشدتنا أن نحترم مختلف الثقافات والديانات».

محاربة التطرف والإرهاب في السعودية

اتخذ محمد بن سلمان خطواتٍ عديدة لمحاربة التطرّف الديني في المملكة العربية السعودية، واستهدفت تلك الخطوات إنهاء ما يُسمّى مشروع الصحوة الإسلامية في السعودية. ويسجّل المتابعون أن ثقافة التشدّد في المملكة العربية السعودية أصبحت في انحسارٍ بسبب سياسات محمد بن سلمان، لصالح ما يعتقد أنّها تعاليم الإسلام الحقيقية، الضامنة لثقافة التعدّدية الفكرية، «المنفتحة على العالم وعلى جميع الأديان وعلى جميع التقاليد والشعوب». والصحوة الإسلامية في السعودية هي حركة فكرية اجتماعية إسلامية سياسية نشأت بدعم من مجموعة دعاة إبان حراكهم الدعوي، والتسمية إشارة إلى «إيقاظ الناس من غفوتهم» حسبما يقولون، وقد تأثر شيوخ هذا التيار بفكر جماعة الإخوان المسلمين. بدأ مصطلح «الصحوة» في الظهور في حقبة الثمانينيات من القرن العشرين. بحسب محمد بن سلمان فإن «الصحوة» حالة غير عادية وغير طبيعية دخلت على المجتمع السعودي، وبدأت بنشر ما وصفه بالإسلام «غير المعتدل»، من خلال سيطرتها على سلك التعليم في المملكة، بعد أن أصبحت مدارس المملكة العربية السعودية ساحة نشاط لهؤلاء، حيث «تعرضت للغزو من جماعات متشددة، من بينها الإخوان المسلمين» بحسب تعبيره، وقد أرجع هذه الحالة إلى كونها ردَّ فعلٍ مُوَازٍ للثورة الإسلامية في إيران. وقال ابن سلمان أن المجتمع السعودي، خاصة الشباب منهم، كانوا ضحية لهذا المشروع، متعهدًا بـ«تحرير المجتمع السعودي» من مشروع الصحوة وذلك بإنهاء تلك الحقبة لإعادة السعودية إلى ما كانت عليه قبل ثلاثين عامًا، أي إلى ما قبل بدء الصحوة، حيث كان الناس «يعيشون حياة طبيعية مثل بقية دول الخليج العربي»، ضاربا أمثلة بأن النساء «كن يقدن السيارات، وكانت هناك دور للسينما»، مضيفًا أن: «70% من الشعب السعودي هم شباب وشابات بأعمار لم تتجاوز الثلاثين عامًا، وبكل صراحة لن نضيع ثلاثين سنة من حياتنا في التعامل مع أي أفكار مدمّرة»، مستطردًا: «سوف ندمرها اليوم وفورًا»، وهو تصريح يرى مراقبون بأنّه يعكس توجهًا فكريًا واضحًا لديه لمحاربة مشروع الصحوة، ويُفسر سلسلة الخطوات التي اتُّخذت لمحاربة ما يوصف بالتطرّف في المملكة، بعد أن تعهد بالقضاء عليه في القريب العاجل على حد وصفه، قائلًا: «لن تقبل أي دولة في العالم بأن يكون لديها جماعة متطرّفة تسيطر على نظام الدولة التعليمي».

أطلق محمد بن سلمان في 30 أبريل 2017، مركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع السعودية، لمواجهة جذور التطرف والإرهاب، ونشر ثقافة التسامح التي يدعو لها الإسلام، وفي 21 مايو 2017، افتتح الملك سلمان المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف في الرياض، بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وولي العهد السعودي وجمع من رؤساء الدول حول العالم، وهو مركز عالمي يخدم جميع دول العالم ويُعنى بمحاربة التطرف فكريًا وإعلاميًا ورقميًا، وتعزيز قيم التعايش والتسامح بين الشعوب، وينشر بجميع اللغات حول العالم.

كانت واشنطن العاصمة قد أعربت عن رغبة شديدة في رؤية المزيد من الخطوات السعودية لمكافحة الجماعات المتطرفة والإرهابية، ودعا مسؤولون أمريكيون نظراءهم السعوديين إلى المضي بصرامة أكبر في نزع الشرعية عن الأيديولوجية الدينية المتطرفة في السعودية.

يقول محمد بن سلمان بأن القضاء على التطرف داخل السعودية في عام 2017، «لم يكن خيارًا مطروحًا من الأساس، ولا السيطرة عليه أمرًا واردًا»، ذلك أنه كان قد استشرى وقوي عوده بشكل كبير حتى وصل السعوديون إلى مرحلة يهدفون فيها في أفضل الأحوال: «إلى التعايش مع هذه الآفة» على حد تعبيره، إلا أنه منذ أن وعد بالقضاء عليه في عام 2017، استطاعت الحكومة السعودية خلال سنة واحدة، أن تقضي على «مشروع أيديولوجي صُنع على مدى 40 سنة».

يرى محمد بن سلمان، بعد ثلاثة سنوات من بدء حملته على التطرّف، بأن التطرف لم يعد مقبولًا اليوم في المملكة العربية السعودية، وهو وإن لم يعد يظهر على السطح، إذ أصبح «منبوذًا ومتخفيًا ومنزويًا»، لكنه لم ينتهِ بعد، متعهدًا بالاستمرار في مواجهة أي مظاهر وتصرفات وأفكار متطرفة «دخيلة من جهات خارجية تسترت بعباءة الدين»، نبذها السعوديون، قائلًا بأن السعوديين «لن يسمحوا أبدًا بوجودها بينهم مرة أخرى».

في منتصف عام 2017، عمل محمد بن سلمان أيضًا على إعادة هيكلة وزارة الداخلية السعودية، بعد أن تزايدت العمليات الإرهابية داخل السعودية منذ تفجيرات الخبر عام 1996، وهي الفترة التي لم يكد يمر عام من دون أن تتعرض السعودية فيها لعملية إرهابية واحدة، حتى «وصل الحال إلى عملية إرهابية في كل ربع عام أو أقل» كما قال ابن سلمان، مشيرًا إلى أن الجماعات الإرهابية استطاعت أن تصل ما بين عامي 2012 و2017 إلى داخل المقرات الأمنية السعودية نفسها، وهذا الأمر دفعه إلى إصلاح القطاع الأمني وتغيير آلية مواجهة الإرهاب حيث أصبح عمل الأجهزة الأمنية السعودية تحت إدارته «استباقيًا»، وهذا بدوره كان سببًا في انخفاض عدد العمليات الإرهابية في السعودية ما بين عامي 2017 و2020، حيث لفت محمد بن سلمان إلى أن السعودية وصلت إلى ما يقارب «صفر» عملية إرهابية ناجحة خلال هذه الفترة، باستثناء ما أسماها: «محاولات فردية معدودة لم تحقق أهدافها البغيضة»، متوعدًا بأن الدولة السعودية ستضرب «بيد من حديد» ضد كل من تسوّل له نفسه المساس بأمنها واستقرارها.

يعتقد محمد بن سلمان بأن «خطاب الكراهية هو الدافع الرئيسي لتجنيد المتطرفين»، ويشمل خطاب الكراهية الذي يستخدم حرية التعبير وحقوق الإنسان مبررًا لازدراء الأديان ومهاجمة الرموز الدينية والوطنية، ويرى ابن سلمان، بأن هذا النوع من الخطاب يخلق بيئة خصبة للتطرف والإرهاب ويستقطب خطاب كراهية مضادًا من المتطرفين. وسبق لمحمد بن سلمان أن رفض في أكثر من مناسبة أي محاولة للربط بين الإسلام والإرهاب، داعيًا دول العالم أن تحذو حذو السعودية في تجريم ونبذ كل عمل إرهابي أو ممارسات وأعمال تولد الكراهية والعنف.

تحديد دور الحسبة

حدَّ محمد بن سلمان من دور الشرطة الدينية السعودية التي تُعرف رسميًا باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث جُردت من سلطتها في مباشرة وتنفيذ إجراءات «الضبط الجنائي والإداري والتحفظ والمتابعة والمطاردة والإيقاف والاستجواب والتثبت من الهوية والتحقيق والقبض»، بعد أن قُصرت هذه الإجراءات على السلطات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، وكان «رجال الحسبة» أو «المطاوعة» كما يُسمون محليًا قد عُرفوا بالتعسف والتَّزمّت، خاصة تجاه النساء السعوديات، وسُجلت حوادث وفاة عديدة تسببت بها دورياتهم وعلقت في ذاكرة المجتمع السعودي، ومنها مقتل 15 طالبة في حريق بمدرسة بنات في مكة في 11 مارس 2002، بعد أن منع رجال الحسبة رجال الإطفاء ورجال الإسعاف من الدخول إلى المدرسة لئلا «يُكشفن على غريب».

رؤية 2030

محمد بن سلمان آل سعود 
شعار رؤية السعودية 2030

في 25 أبريل 2016 أطلق محمد بن سلمان رؤية أسماها رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وهي خطة اقتصادية اجتماعية ثقافية سياسية شاملة للمملكة العربية السعودية تؤسس لدخول المملكة إلى عصر ما بعد النفط. تتزامن الرؤية مع التاريخ المحدّد لإعلان الانتهاء من تسليم ثمانين مشروعًا حكوميًا عملاقًا، يكلّف أقل واحد بينهما ما يعادل أربعة مليارات ريال، بينما بعض المشاريع تفوق كلفتها المائة مليار ريال سعودي، كما في مشروع مترو الرياض. نظَّمَ الخُطَّة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسته، وقد عُرِضت على مجلس الوزراء السعودي برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. وبعد الإعلان عن الرؤية، قدّم محمد بن سلمان، عن طريق مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية كل من برنامج التحول الوطني في 7 يونيو 2016 وبرنامج تحقيق التوازن المالي في 22 ديسمبر 2016، إذ يعد كل منهما من ركائز الرؤية، وقد وافق مجلس الوزراء السعودي على البرنامجين.

يهدف محمد بن سلمان من خلال هذه الخطة، والبرامج المتصلة بها، إلى زيادة الإيرادات غير النفطية السعودية ستة أضعاف من نحو 43.5 مليار دولار سنويًا إلى 267 مليار دولار سنويًا، إضافة إلى زيادة حصة الصادرات غير النفطية السعودية من 16% من الناتج المحلي السعودي (في 2016) إلى 50% من الناتج المحلي السعودي (في 2030). كما أنّه يريد بهذه الرؤية أن يجعل الاستثمار في الداخل السعودي منطقة لإيجاد المزيد من الفرص الوظيفية والاقتصادية في السعودية. وضع محمد بن سلمان ثلاثة أركان للرؤية السعودية، هي باعتقاده بمثابة عوامل نجاحها إذا ما ارتكزت الرؤية عليها:

  • الركن الأوّل هو أن السعودية هي العمق العربي والإسلامي، إذ يوجد بها المسجد الحرام في مكة المكرمة، والمسجد النبوي في المدينة المنورة، واللذان يعدان أهم الأماكن المقدسة عند المسلمين، بذلك هي قبلة أكثر من 1.8 مليار مسلم على وجه الأرض، ويجب أن ترتكز الرؤية على هذا العامل.
  • الركن الثاني: القدرات الاستثمارية الضخمة للمملكة العربية السعودية يجب أن تكون محركًا لاقتصاد المملكة وموردًا إضافيا لها، وبهذه القدرات تهدف الرؤية أن تصنع من المملكة العربية السعودية قوة استثمارية رائدة.
  • الركن الثالث، يعتقد محمد بن سلمان أن الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمملكة العربية السعودية، وما يحيط بها من معابر مائية مهمة - مضيق هرمز في الشرق، مضيق باب المندب في الجنوب الغربي، قناة السويس في الشمال الغربي - يجعل من المملكة أهم بوابة للعالم بصفتها مركز ربط للقارات الثلاث (آسيا، أفريقيا وأوروبا).

نيوم

نيوم أو «المدينة الحلم» أو «أرض الفرص والأحلام» كما وُصِفَت، مشروع مدينة ذكية أطلقه محمد بن سلمان في مؤتمر دولي للاستثمار في مدينة الرياض في 24 أكتوبر 2017. يرغب ابن سلمان أن تكون «نيوم» بمثابة عاصمة تجارية واقتصادية عالمية تمثل روح العصر المرتبط بالذكاء الاصطناعي. يقع مشروع «نيوم» شمال غرب السعودية على مساحة ست وعشرين ألفًا وخمسمائة كيلومتر مربع بالاشتراك مع كلٍّ من مصر والأردن، وسيكون المشروع «منطقة خاصة» سيشتمل أراضٍ سعودية وأخرى مجاورة لها داخل الحدود المصرية والأردنية، وسيحكم بقوانين تجارية خاصة به. وقد جاء اختيار محمد بن سلمان لهذه المنطقة لتكون أرض المشروع، ذلك بأن قرابة عشرة بالمائة من حركة التجارة العالمية تمّر عبر ساحلها، إضافة إلى أن الموقع يعد محورًا يربط القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، إذ يمكن لسبعين بالمائة من سكان العالم الوصول إلى «نيوم» خلال ثماني ساعات كأقصى حد. قدّر محمد بن سلمان قيمة المشروع بخمسمائة مليار دولار أمريكي، قائلا أن تمويله سيكون من قبل صندوق الاستثمارات العامة ومستثمرين سعوديين ودوليين. وهو يطل من الشمال والغرب السعوديين على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كيلومتر وتحيط به من الشرق سلسلة جبال بارتفاع 2500 متر.

قال محمد بن سلمان أن المنطقة ستكون مفتوحة للسياحة في العام 2020، بينما ستُفتتح مدينة نيوم - التي يقوم عليها المشروع - في العام 2025. قالت صحيفة فاينانشال تايمز في وصف المشروع بأنَّ محمد بن سلمان يريد أن يبني «دافوس في الصحراء»، في إشارة إلى مدينة دافوس السويسرية التي يقام فيها المنتدى الاقتصادي العالمي. يأتي مشروع نيوم كجزء من رؤيته رؤية السعودية 2030 ضمن استراتيجية وُصِفَت بأنّها طموحة، تستهدف الانفتاح الاقتصادي ومحاربة التطرّف وتخفيف القيود الاجتماعية الطارئة على السعودية حسبما وصفها محمد بن سلمان. وكان ولي العهد السعودي قد أعلن أن أسهم مدينة نيوم ستطرح للاكتتاب في الأسواق المالية العالمية، حيث قال إنّ نيوم هي «أوّل مدينة رأسمالية في العالم، هذا هو الشيء الفريد الذي سيحدث ثورة»، مضيفًا: «ستكون أول منطقة تطرح في الأسواق العامة، يبدو الأمر كما لو أنك تطرح مدينة نيويورك في الأسواق».

ذا لاين

"أقدم لكم "ذا لاين"، مدينة مليونية بطول 170 كم تحافظ على 95% من الطبيعة في أراضي نيوم، صفر سيارات، صفر شوارع، وصفر انبعاثات كربونية".
—محمد بن سلمان، 10 يناير 2021

هو مشروع مدينة مخططة في منطقة تبوك شمال غرب السعودية. المدينة مخطط لها على أن تكون بشكل خط مستقيم بطول 170 كيلومتر (105 أميال)، يمتد من البحر الأحمر غربا إلى الشرق، ماراً بتضاريس جغرافية وبيئية مختلفة ومتنوعة، تشمل السواحل والسهول والأودية والصحاري والجبال، ستكون مدينة خالية من الكربون، وقادرة على إيواء مليون ساكن. ستكلف بنيتها التحتية ملبغ من 100 إلى 200 مليار دولار، ويتوقع أن تخلق 380 ألف فرصة عمل وتحفز التنويع الاقتصادي وتساهم بمبلغ 180 مليار ريال سعودي في الناتج المحلي الإجمالي المحلي بحلول عام 2030. ومن المخطط أن يتم تشغيلها بنسبة 100٪ من الطاقة المتجددة وأن يكون لها لوائح أعمال قائمة على المسؤولية البيئية.

في 25 يوليو 2022، كشف محمد بن سلمان عن تصاميم مدينة «ذا لاين»، إذ سيبلغ عرضها 200 م فقط على امتداد 170 كلم، وارتفاع يبلغ 500 م فوق سطح البحر، مما سيجعلها بمثابة ناطحات سحاب متشابكة وممتدة على طول 170 كلم. ستُبنى المدينة على مساحة لا تتجاوز 34 كلم2، وستتسع لنحو 9 ملايين نسمة. أشار الأمير إلى المدينة ستتيح لجميع السكان إمكانية الوصول إلى جميع المرافق والخدمات في غضون خمس دقائق، إضافة إلى وجود قطار فائق السرعة يصل بين طرفي المدينة خلال عشرين دقيقة. وكشفت التصاميم أن جانبي المدينة الخارجيين سيغطيان بمرايا عاكسة. وستكون مدينة «ذا لاين» إحدى مشاريع نيوم المصممة رقميًا بالكامل.

مشروع القِدِّية

في 8 أبريل 2017، أطلق محمد بن سلمان مشروع منتجع القِدِّية الترفيهي الذي يستهدف تأسيس أكبر مدينة ترفيهية ثقافية رياضية على مستوى العالم بمساحة 334 كيلومتر مربع، أي يزيد حجمه عن ديزني وورلد بثلاث مرات تقريبًا. «عاصمة المغامرات المستقبلية» على حد وصف محمد بن سلمان للمشروع، يستهدف منه – إضافة إلى تنويع إيرادات صندوق الاستثمارات العامة – أن يحافظ على حصة من إنفاق السعوديين على الترفيه.

مشروع البحر الأحمر

في 31 يوليو 2017، أطلق محمد بن سلمان من خلال صندوق الاستثمارات العامة مشروع البحر الأحمر وهو مشروع سياحي عالمي، يستهدف خلق منتجعات سياحية على أكثر من خمسين جزيرة سعودية بين مدينتي أُمْلُج الحوراء والوجه، ويجاور المحميات الطبيعية بالمنطقة والبراكين الخاملة، ومواقع آثار أبرزها مدائن صالح، وسيقام على مساحة تقدّر بأربع وثلاثين ألف كيلومتر مربع. يرغب محمد بن سلمان أن يصبح هذا المشروع بوابة لاستكشاف منطقة البحر الأحمر أمام العالم لينافس كلا من جزر السيشل وجزر المالديف التي يمكن لجميع سكان الأرض زيارتهما، إذ سيُتاح لغالبية السيّاح في العالم إمكانية زيارة منطقة مشروع البحر الأحمر والدخول إليها من دون الحاجة إلى حصولهم على تأشيرة دخول سعودية، ويستهدف محمد بن سلمان من هذه الخطوة، من جهة كسر حواجز التطرّف الذي منع تطوير السياحة - خاصة البحرية منها - في السعودية، ومن جهة أخرى أن يكون للمملكة حضور على خريطة السياحة العالمية وفقًا لرؤية السعودية 2030.

وكان محمد بن سلمان في العام 2015 قد زار المنطقة - قبل الكشف عن المشروع بعامين - حيث أبدى في مقابلة له مع مجلة الإيكونوميست البريطانية عن إعجابه بتلك المنطقة، قائلا بـ«أنها رائعة»، و«أنه قضى بها ثماني عطلات»، حيث «يوجد فيها ما يقرب من مائة جزيرة، في مجموعة مرجانية واحدة». مضيفًا «إن المنطقة تتمتع بدرجة حرارة مثالية وهي أكثر برودة من مدينة جدة، كما أنها تعتبر أرضًا عذراء يمكن استغلالها اقتصاديًا».

مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية

في 14 نوفمبر 2021، أعلن الأمير محمد عن مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية، وهي أول مدينة غير ربحية في العالم، ستقام على أرض خاصة بولي العهد في حي عرقة غرب الرياض العاصمة بمحاذاة وادي حنيفة، على مساحة تقدر بحوالي (3.4) كيلو متر مربع، خصصها ولي العهد لتنفيذ المشروع. المدينة ستكون حاضرة رقمية متقدمة محورها الإنسان، صممت لتكون مستدامة وصديقة للمشاة، مع تخصيص أكثر من (44%) من المساحة الإجمالية كمساحات خضراء مفتوحة لتسهم في تعزيز التنمية المستدامة. المدينة التي تتبنى مفهوم التوأم الرقمي ستحتضن العديد من الأكاديميات والكليات ومدارس مسك، وستشمل على مركز للمؤتمرات، ومتحف علمي، ومركز الإبداع ليكون مساحة لتحقيق طموحات المبتكرين في العلوم والتقنية بالأنظمة المتطورة مثل: الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء والروبوتات، وكذلك معهد ومعرض للفنون، ومسارح لفنون الأداء، ومنطقة ألعاب، ومعهد لفنون الطهي بالإضافة إلى مجمع سكني متكامل، وستعمل المدينة أيضاً على استضافة رؤوس الأموال الجريئة والمستثمرين ذوي المساهمات المجتمعية حول العالم".

مدينة أوكساجون

في 16 نوفمبر 2021، أعلن الأمير محمد عن إطلاق مدينة نيوم الصناعية «أوكساجون»، هي مدينة صناعية تعد أكبر تجمع صناعي عائم في العالم. تقع المدينة في الركن الجنوبي الغربي من نيوم على البحر الأحمر بالقرب من قناة السويس، ويتوقع أن تبدأ استقبال رواد التصنيع والمستثمرين وأصحاب الأعمال في بداية عام 2022.

طرح أرامكو للاكتتاب العام

في 4 يناير 2016، كشف محمد بن سلمان لمجلة ذي إيكونوميست البريطانية، عن مقترح طرح نسبة من أسهم شركة أرامكو، كجزء من خطة الإصلاح الاقتصادي لرؤية السعودية 2030، بهدف استحداث أسلوب الإدارة ونظام التدقيق الغربي في عملاقة النفط العالمية، إضافة إلى توفير سيولة مالية تساهم في الحد من العجز في ميزانية السعودية. وحُدِّدت النسبة المتوقع طرحها للاكتتاب بسقف لا يتجاوز خمسة في المائة من أسهم شركة أرامكو. وقال خبراء أن قيمة الشركة ستصل إلى تريليوني دولار أمريكي (2000 مليار دولار)، عند الطرح الأوّلي الذي وُصِفَ – فيما لو تم – بالأعظم في التاريخ، نظرًا إلى حجم الشركة. وكشف محمد بن سلمان أن صندوق الاستثمارات العامة هو من سيدير عملية الاكتتاب، التي من المرجّح أن تكون في سوق الأوراق المالية السعودي في الرياض، أو أحد المراكز المالية الدولية الرائدة في العالم. وكان الرئيس الأمريكي ترمب حثّ ولي العهد السعودي على أن يختار بورصة نيويورك منصة للاكتتاب والتداول، فيما تشير تصريحات المسؤولين السعوديين أن بورصة لندن هي الأقرب.

وكان من المتوقّع أن يبدأ الاكتتاب الأوّلي في النصف الثاني من العام 2018، لكنَّ تقريرًا نُشِر على موقع وكالة رويترز للأنباء في 22 أغسطس 2018، نُسِب إلى مصادر قيل أنّها سعودية، رجّح وقف خطة طرح أرامكو، وهو ما نفته وزارة الطاقة السعودية بعد ساعات، غير أن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح كشف عن تأجيل الطرح إلى أجل غير مُسمّى، إذ أكد في بيان الوزارة: «أن الحكومة ما تزال ملتزمة بالطرح الأولي العام لأرامكو السعودية، وفق الظروف الملائمة، وفي الوقت المناسب الذي تختاره الحكومة». في 3 نوفمبر 2019 أعلن رئيس مجلس إدارة أرامكو موافقة هيئة السوق المالية السعودية على الاكتتاب، وقبلها كانت قد نُشرت تقارير أفادت بموافقة ولي العهد محمد بن سلمان على طرح أرامكو للاكتتاب وأنّه «أعطى الضوء الأخضر لبدء الطرح»، ما أدّى إلى أن تعلن الشركة في 17 نوفمبر 2019، طرح جزء بلغ 1.5% من إجمالي أسهم الشركة للتداول العام، ومع انتهاء فترة الاكتتاب، أصبح اكتتاب أرامكو، أكبر طرح أولي عام في التاريخ، حيث جمع أكثر من 25.6 مليار دولار أمريكي، مُتجاوزًا الرقم القياسي المُسجّل في عام 2014 لمجموعة علي بابا الصينية البالغ حينها 25 مليار دولار. وعند بدء تداول أسهم الشركة في السوق المالية السعودية في 11 ديسمبر 2019، وصلت القيمة السوقية لأرامكو إلى 2 تريليون دولار أمريكي، مزيحة شركة أبل من عرش أكبر الشركات من حيث القيمة في العالم. وقد ارتفع سعر سهم أرامكو بنسبة 10% عند بدء تداوله ليصل إلى 35 ريالًا سعوديًّا، وارتفع سهم الشركة يوم الخميس بنسبة 10% لليوم الثاني على التوالي، ليبلغ سعره 38.7 ريال سعودي أي 10.32 دولار أمريكي للسهم الواحد. كل هذا دفع بالسوق المالية السعودية لتُعزّز موقعها بين الأسواق المالية العالمية لتصبح تاسع أكبر سوق مالية في العالم، ما جعلها تقترب من حجم البورصتين الألمانية والكندية، ومتجاوزة البورصة الهندية. وقد وُصِف اليوم الأوّل للتداول باليوم الذي تحقّق فيه وعد محمد بن سلمان الذي كان قد قطعه منذ أكثر من ثلاث سنوات.

الطاقة النووية

محمد بن سلمان آل سعود 
محمد بن سلمان مصافِحًا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

في مقابلة له مع صحيفة الواشنطن بوست، قال محمد بن سلمان أن «لدى المملكة العربية السعودية أكثر من خمسة بالمائة من احتياطيات مادة اليورانيوم في العالم»، واصفًا «عدم استخدامها يشابه الاستغناء عن النفط». وكانت الحكومة السعودية قد وقعت مع روسيا الاتحادية عددًا من الاتفاقيات في المجال النووي، على رأسها إنشاء 16 مفاعلًا نوويًا، بعد زيارة قام بها محمد بن سلمان إلى روسيا في 18 يونيو 2015، حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سان بطرسبرغ. وتؤسس الاتفاقية الموقعة للتعاون بين البلدين في المجال النووي، بما في ذلك، «إنشاء واستخدام وتفكيك المفاعلات النووية المخصصة لإنتاج الطاقة، وتقديم الخدمات المتعلقة بمعالجة الوقود النووي المستنفد، وإنتاج النظائر المشعة واستخدامها في الصناعة والطب والزراعة، وتأهيل الكوادر في مجال الطاقة النووية».

وبعيد تلك الزيارة، وقع محمد بن سلمان مذكرتي تفاهم مع الحكومة الفرنسية - بعد لقاءه الرئيس الفرنسي فرونسوا أولاند - للتعاون في «مجالات إدارة النفايات المشعة بين مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة والمعهد الفرنسي للوقاية من الإشعاعات والسلامة النووية، والتعاون ين مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة والوكالة الفرنسية لإدارة النفايات النووية في مجال تطوير تنظيم الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في مجال النفايات النووية». وكان مجلس الوزراء السعودي قد وافق على الاتفاقية الروسية السعودية في اجتماع له في مارس 2016، ثم أتبع ذلك بالموافقة على «المشروع الوطني للطاقة الذرية السعودية»، الذي رفعه ولي العهد إلى المجلس في 24 يوليو 2017. والخطة الأوّلية للمشروع، ترسمُ ببناء محطة نووية مدنية لإنتاج الطاقة، تتكون من مفاعلين نووين اثنين، ستطرح مناقصة إنشاءها قُبيل نهاية عام 2018، حسبما أُعْلِنَ في السعودية.

النقل

أطلق محمد بن سلمان رئيس اللجنة العليا للنقل والخدمات اللوجستية في 30 يونيو 2021م، الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، التي تهدف لترسيخ مكانة المملكة مركزًا لوجستيًا عالميًا يربط القارات الثلاث، والارتقاء بخدمات ووسائل النقل كافة، وتعزيز التكامل في منظومة الخدمات اللوجستية وأنماط النقل الحديثة لدعم مسيرة التنمية الشاملة في المملكة.

وتتضمن الاستراتيجية حزمة من المشروعات الكبرى الممكِّنة لتحقيق المستهدفات الاقتصادية والاجتماعية، واعتماد نماذج حوكمة فاعلة لتعزيز العمل المؤسسي في منظومة النقل، وبما يتفق مع تغير مسمى الوزارة من وزارة النقل إلى وزارة النقل والخدمات اللوجستية.

وقال سمو ولي العهد: «إن هذه الاستراتيجية ستسهم في تعزيز القدرات البشرية والفنية في قطاع النقل والخدمات اللوجستية بالمملكة، وستعزز الارتباط بالاقتصاد العالمي، وتمكن بلادنا من استثمار موقعها الجغرافي الذي يتوسط القارات الثلاث في تنويع اقتصادها؛ من خلال تأسيس صناعة متقدمة من الخدمات اللوجستية، وبناء منظومات عالية الجودة من الخدمات، وتطبيق نماذج عمل تنافسية لتعزيز الإنتاجية والاستدامة في قطاع الخدمات اللوجستية؛ بوصفه محوراً رئيسياً في برامج رؤية المملكة 2030، وقطاعاً حيوياً ممكِّناً للقطاعات الاقتصادية، وصولا لتحقيق التنمية المستدامة».

تركز الإستراتيجية على تطوير البنى التحتية، وإطلاق العديد من المنصات والمناطق اللوجستية في المملكة، وتطبيق أنظمة تشغيل متطورة، وتعزيز الشراكات الفاعلة بين المنظومة الحكومية والقطاع الخاص لتحقيق أربعة أهداف رئيسة هي:

  • تعزيز مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي.
  • الارتقاء بجودة الحياة في المدن السعودية.
  • تحقيق التوازن في الميزانية العامة.
  • تحسين أداء الجهاز الحكومي.

وأضاف، أن الإستراتيجية تستهدف النهوض بالمملكة العربية السعودية لتصبح في المرتبة الخامسة عالمياً في الحركة العابرة للنقل الجوي، وزيادة الوجهات لأكثر من 250 وجهة دولية، إلى جانب إطلاق ناقل وطني جديد، بما يمكن القطاعات الأخرى مثل الحج والعمرة والسياحة من تحقيق مستهدفاتها الوطنية، وإضافة إلى ذلك ستسعى الإستراتيجية إلى رفع قدرات قطاع الشحن الجوي من خلال مضاعفة طاقته الاستيعابية لتصل إلى أكثر من 4.5 ملايين طن.

وعلى صعيد النقل البحري، قال: "إن الإستراتيجية تستهدف الوصول إلى طاقة استيعابية تزيد على 40 مليون حاوية سنوياً، مع ما يعنيه ذلك من استثمارات واسعة في مجال تطوير البنى التحتية للموانئ وتعزيز تكاملها مع المناطق اللوجستية في المملكة، وكذلك توسيع ربطها بخطوط الملاحة الدولية؛ بحيث تتكامل مع شبكات الخطوط الحديدية والطرق، مما يسهم في تحسين كفاءة خطوط منظومة النقل واقتصادياتها.

وأوضح محمد بن سلمان أن الخطوط الحديدية تقدم خدماتها في قطاع نقل الركاب والبضائع عبر شبكة يبلغ طولها 5330 كم، من بينها 450 كم في مسار الخط الحديدي لقطار الحرمين السريع بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، الذي يعد أكبر مشروع للنقل عالي السرعة في المنطقة، كما ستحقق الاستراتيجية زيادة في مجموع أطوال السكك الحديدية المستقبلية تقدر بـ 8080 كم تتضمن مشروع «الجسر البري» بطول يتجاوز 1300 كم الذي ستتجاوز طاقته الاستيعابية 3 ملايين مسافر، وشحن أكثر من 50 مليون طن سنوياً، بهدف ربط موانئ المملكة على ساحل الخليج العربي بموانئ ساحل البحر الأحمر، مع فتح فرص جديدة وواعدة لهذا الخط عبر مروره بمراكز لوجستية حديثة، ومراكز للأنشطة الاقتصادية والمدن الصناعية والأنشطة التعدينية، وتحسين مؤشر الأداء اللوجستي للمملكة لتكون ضمن قائمة الدول العشر الأولى على مستوى العالم.

أكد محمد بن سلمان أن الإستراتيجية تستند على ركائز عالية الأهمية، تشمل كذلك شبكة الطرق الكبرى، التي تعد بلادنا الأولى في ترابطها على مستوى العالم، كما ستكون المملكة - بمشيئة الله - من الدول المتقدمة دولياً على صعيد جودة الطرق وسلامتها، حيث تتضمن الإستراتيجية العديد من المبادرات التي تهدف لخفض أعداد ضحايا الحوادث إلى الحد الأدنى؛ أسوة بأفضل التجارب العالمية، وتحقيق كفاءة الربط وتطوير خدمات النقل العام في المدن السعودية بالتوازي مع تحقيق المستهدفات على صعيد الاستدامة والمحافظة على البيئة وتقليل استهلاك الوقود بنسبة 25%، وتوفير حلول ذكية لتسهيل تنقل المسافرين بين المدن ونقل البضائع وفقا لأحدث التقنيات المطبقة عالمياً.

وأشار إلى أن أحد الأهداف الرئيسية للإستراتيجية يتمثل في زيادة مساهمة قطاع النقل والخدمات اللوجستية في إجمالي الناتج المحلي الوطني، فبينما يبلغ إسهام هذا القطاع حالياً في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة حوالي 6%، تستهدف الإستراتيجية زيادة إسهامه إلى 10% من خلال تصدر قطاع النقل والخدمات اللوجستية مراتب متقدمة لدعم الاقتصاد الوطني، وتمكين نمو الأعمال وتوسيع الاستثمارات، وزيادة ما يضخه هذا القطاع من إيرادات غير نفطية بشكل سنوي ليصل إلى حوالي 45 مليار ريال في عام 2030م.

البيئة

من أحل تعزيز الجهود البيئية القائمة في المملكة العربية السعودية خلال السنوات السابقة وفق رؤية 2030، ورغبة المملكة الجادّة بمواجهة ما عانته من تحديات بيئية تمثلت في ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض نسبة الأمطار وارتفاع موجات الغبار والتصحر، وكجزء من جهودها لتعزيز الصحة العامة ورفع مستوى جودة الحياة للمواطنين والمقيمين فيها، امر الأمير محمد بإعادة هيكلة شاملة لقطاع البيئة، وتأسيس القوات الخاصة للأمن البيئي في عام 2019م، ورفع نسبة تغطية المحميات الطبيعية من 4% إلى ما يزيد عن 14% وزيادة الغطاء النباتي في المملكة بنسبة 40% خلال الأربع سنوات الاخيرة، مما مكن السعودية من الوصول لأفضل مستوى الانبعاثات الكربونية للدول المنتجة للنفط.

خلال فترة ترأس المملكة لمجموعة العشرين لعام 2020، وانطلاقاً من دورها تجاه القضايا الدولية المشتركة، واستكمالاً لجهودها لحماية كوكب الأرض الذي نتج عنه إصدار إعلان خاص حول البيئة وتبني مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وتأسيس أول مجموعة عمل خاصة للبيئة فيها، وإطلاق مبادرتين دولية للحد من تدهور الأراضي وحماية الشعب المرجانية.

في مارس 2021، أعلن ولي العهد السعودي عن مبادرتين، تتمثل في «مبادرة السعودية الخضراء»، و«مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» اللتين سترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة وستسهمان بشكل قوي بتحقيق المستهدفات العالمية من خلال رفع مستوى الغطاء النباتي، وتقليل انبعاثات الكربون، ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي، والحفاظ على الحياة البحرية. ومن أبرز مستهدفات هذه المبادرات زراعة 10 مليار شجرة داخل السعودية خلال العقود القادمة، ما يعادل إعادة تأهيل حوالي 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، ما يعني زيادة في المساحة المغطاة بالأشجار الحالية إلى 12 ضعف، تمثل مساهمة المملكة بأكثر من 4% في تحقيق مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية، و1% من المستهدف العالمي لزراعة ترليون شجرة. كما ستعمل على رفع نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30% من مساحة أراضيها التي تقدر بـ (600) ألف كيلومتر مربع، لتتجاوز المستهدف العالمي الحالي بحماية 17% من أراضي كل دولة، إضافة إلى عدد من المبادرات لحماية البيئة البحرية والساحلية. وأوضح ولي العهد أنه بينما لا يزال هناك الكثير الذي يتوجب القيام به إلا أن المملكة مصممة على إحداث تأثير عالمي دائم وانطلاقاً من دورها الريادي، وفيما يخص «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» أعلن الأمير محمد، أن المملكة ستبدأ العمل مع الدول الشقيقة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشرق الأوسط، وتسعى بالشراكة مع الأشقاء في دول الشرق الأوسط لزراعة 40 مليار شجرة إضافية في الشرق الأوسط، مبينا أن البرنامج يهدف لزراعة (50 مليار) شجرة وهو أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم ، وهو ضعف حجم السور الأخضر العظيم في منطقة الساحل (ثاني أكبر مبادرة إقليمية من هذا النوع). سيعمل هذا المشروع على استعادة مساحة تعادل (200 مليون) هكتار من الأراضي المتدهورة مما يمثل (5%) من الهدف العالمي لزراعة (1 تريليون) شجرة ويحقق تخفيض بنسبة (2.5%) من معدلات الكربون العالمية.

وفي تصريح له قال ولي العهد: «إنه بصفتنا منتجًا عالميًا رائدًا للنفط ندرك تمامًا نصيبنا من المسؤولية في دفع عجلة مكافحة أزمة المناخ، وأنه مثل ما تمثل دورنا الريادي في استقرار أسواق الطاقة خلال عصر النفط والغاز، فإننا سنعمل لقيادة الحقبة الخضراء القادمة. وأضاف، إن المملكة والمنطقة تواجهان الكثير من التحديات البيئية، مثل التصحر، الأمر الذي يشكل تهديدا اقتصاديا للمنطقة (حيث يقدر أن 13 مليار دولار تستنزف من العواصف الرملية في المنطقة كل سنة)، كما أن تلوث الهواء من غازات الاحتباس الحراري يقدر أنها قلصت متوسط عمر المواطنين بمعدل سنة ونصف سنة».

وأضاف: "إن مبادرة السعودية الخضراء ستعمل كذلك على تقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4% من المساهمات العالمية، وذلك من خلال مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50% من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول عام 2030م، ومشاريع في مجال التقنيات الهيدروكربونية النظيفة التي ستمحي أكثر من 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى رفع نسبة تحويل النفايات عن المرادم إلى 94%.

كما أضاف، «أن حصة إنتاج الطاقة النظيفة في الشرق الأوسط لا يتجاوز اليوم 7%، وأن التقنيات التي تستخدم في إنتاج النفط في المنطقة ليست ذات كفاءة، وستعمل المملكة العربية السعودية مع هذه الدول على نقل المعرفة ومشاركة الخبرات مما سيسهم تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط في المنطقة بأكثر من 60%، مضيفا، بأن هذه الجهود المشتركة ستحقق تخفيضاً في الانبعاثات الكربونية بما نسبته أكثر من 10% من المساهمات العالمية».

في 23 أكتوبر 2021 أطلق ولي العهد، بصفته رئيسا اللجنة العليا للسعودية الخضراء، النسخة الأولى للمنتدى السنوي لمبادرة السعودية الخضراء في الرياض، الذي يعنى بإطلاق المبادرات البيئية الجديدة للمملكة، ومتابعة أثر المبادرات التي تم الإعلان عنها سابقاً، بما يحقق مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء. وأعلن عن إطلاق الحزمة الأولى من المبادرات النوعية في المملكة لتكون خارطة طريق لحماية البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي، وتمثل هذه المبادرات استثمارات بقيمة تزيد على (700) مليار ريال، مما يساهم في تنمية الاقتصاد الأخضر، وخلق فرص عمل نوعية، وتوفير فرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفق رؤية المملكة 2030.

وأكد الأمير محمد بدء المرحلة الأولى من مبادرات التشجير بزراعة أكثر من (450) مليون شجرة، وإعادة تأهيل (8) ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وتخصيص أراض محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من (20%) من إجمالي مساحتها.

مخطط رحلة عبر الزمن

في 7 أبريل 2021 أطلق ولي العهد وبصفته رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، الرؤية التصميمية لمخطط «رحلة عبر الزمن»، بهدف إحياء وتأهيل المنطقة الأثرية الرئيسة في العُلا بشكل مسؤول ومستدام، حيث يُعد المشروع محطة رئيسية ضمن برنامج تطوير العُلا وتحويلها إلى وجهة عالمية رائدة للفنون والتراث والثقافة والطبيعة، تحقيقًا لمستهدفات رؤية السعودية 2030.

تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص

في 30 مارس 2021، دشن ولي العهد برنامج تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص (شريك) هو أحد برامج رؤية السعودية 2030، والذي يهدف لتعزيز الشراكة بين القطاعين الخاص والحكومي، والمساهمة في دعم النمو المستدام للاقتصاد الوطني، وتعزيز مرونة وقدرات الشركات الكبرى إقليميا وعالميا، وتمكين الشركات الوطنية الكبرى من تحقيق أهداف وفرص استثمارية، مع اطلاق ما يصل إلى 5 تريليونات ريال من استثمارات القطاع الخاص حتى عام 2030. وجرى تصميم البرنامج لتقديم الدعم عبر عدد من الركائز تشمل التعاون المالي والنقدي والتشغيلي والتنظيمي واستثمار الأصول.

التنمية المستدامة

دعم بقوة برامج التنمية المستدامة، بمجالاتها المختلفة والتي اشتملت على التنمية الاقتصادية، التنمية الاجتماعية وحماية البيئة. وأطلق الكثير من المشاريع والمبادرات، ففي الطاقة المتجددة، أمر باستخدام مصادر طاقة جديدة صديقة للبيئة، تشتمل على طاقة الرياح، طاقة الهيدروجين، والطاقة الشمسية، والتي عادةً ما تكون أكثر استدامة من مصادر الوقود الأحفوري. وأمر بإنشاء البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، والذي بدوره قام بطرح عدة مشاريع في مختلف مناطق المملكة، والتي اشتملت على إنشاء محطات تعمل بالطاقة الشمسية في كل من سدير وسكاكا ورفحاء والمدينة المنورة والفيصلية وجدة ورابغ والقريات، ومحطة تعمل بطاقة الرياح في دومة الجندل، ومحطة تعمل بالطاقة الشمسية الهجينة في ضباء.

الاستراتيجية الوطنية للاستثمار

هي إستراتيجية وطنية أطلقها الأمير محمد في 11 أكتوبر 2021، وتعد أحد الممكنات الرئيسة لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030. وستسهم الاستراتيجية في دعم نمو الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره ورفع إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65%، وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وتخفيض معدل البطالة إلى 7%، وتقدُّم المملكة إلى أحد المراكز العشرة الأوائل في مؤشر التنافسية العالمي بحلول عام 2030م، وتشمل الإستراتيجية تطوير خطط استثمارية تفصيلية لعدة قطاعات منها الصناعة، والطاقة المتجددة، والنقل والخدمات اللوجستية، والسياحة، والبنية التحتية الرقمية، والرعاية الصحية.

وتهدف الاستراتيجية إلى رفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 388 مليار ريال سنوياً، وزيادة الاستثمار المحلي ليصل إلى حوالي 1.7 تريليون ريال سنوياً بحلول عام 2030 مما يسهم في ارتفاع نسبة الاستثمار إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من 22% في عام 2019م إلى 30% في عام 2030م، وبالتالي نمو الاقتصاد السعودي ليصبح من أكبر 15 اقتصاداً عالميًا.

السياسة الخارجية

يشير مراقبون أن السياسة السعودية في عهد محمد بن سلمان - بصفته وزيرًا للدفاع ووليًا للعهد - التي وصفتها بعض الجهات بـ«الاندفاع والتسرّع»، تعد اليوم «سياسة أكثر جرأة واستقلالية» وواقعية بالنسبة لقضايا المنطقة. فالرياض حسبما يقول المتابعون، «كثّفت كل جهودها من أجل وقف التغلغل الإيراني في المنطقة»، و«لم تتأخّر عن التدخّل العسكري المباشر في اليمن لوقف الحوثيين عن السيطرة على البلد»، إضافة إلى أنّها أصبحت أقرب إلى المقاربة الروسية بالنسبة لملف الأزمة السورية بعدما كانت تطالب الرئيس السوري بشار الأسد بالرحيل من الحكم. من جهة أخرى أصبحت الدبلوماسية السعودية أكثر نشاطا دوليًا، على صعيدين، الأوّل من أجل ما تقول أنّه «مكافحة الجماعات الإسلامية ووقف التطرّف» بـ«نزع الشرعية الدولية عن نشاط تلك المجاميع في العالم» بعدما ضيّقت على القيادات والكوادر المرتبطة بتلك الجماعات في الداخل السعودي، والآخر من أجل «محاصرة إيران لوقف مشروعها التوسعي في المنطقة».

إيران

من وجهة نظر الباحثين، فإن العلاقة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران شابتها توتّرات عديدة منذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية في العام 1979، حيث رُفِعَ شعار تصدير الثورة إلى المحيط العربي لإيران والتي قابلها دعم خليجي وعربي للعراق طيلة السنوات الثمانية للحرب العراقية الإيرانية، ثم ساءت العلاقة بين البلدين إلى درجة كبرى بُعيد الغزو الأمريكي للعراق في العالم 2003، الذي وُصِفَ بأنّه أثمن هدية أمريكية يمكن أن تقدّم إلى طهران، حيث فكّكت الدولة العراقية وحلّ الجيش العراقي من جانب الولايات المتحدة و«قدّمت بغداد على طبق من ذهب إلى إيران بقرار سحب القوات الأمريكية من العراق» على حد وصف المراقبين، وهو ما اعتبر بحسب محمد بن سلمان «أكبر خطأين اقترفتهما أمريكا في المنطقة»، ومما زاد التوتّرات بين الرياض وطهران، بدايةً استمرار تقديم إيران الدعم العسكري لحزب الله اللبناني الذي يقول أنّه ذراع الولي الفقيه في لبنان، خاصة بعد أحداث 7 أيار 2008، حيث قام الحزب بالزحف العسكري على بيروت، ما وصف بأنّه احتلال للمدينة، حيث عطّل الحياة السياسية في الجمهورية اللبنانية، مرورًا بما يوصف بالتدخّل الإيراني في الدول العربية، خاصة الخليجية منها، وصولًا إلى تدخّل إيران عسكريًا مع حلفائها في الحرب الأهلية السورية من جهة، ومن جهة أخرى تدخل قوات درع الجزيرة في البحرين بقيادة السعودية، لإجهاض ما سُمي بمحاولة إيران لقلب نظام الحكم في مملكة البحرين، غير أن تدهور العلاقة بحسب المتابعين، أخذ منحى دراماتيكيًا جدًا – وخرج من إطار الحرب بالوكالة بين البلدين – منذ قيام حركة أنصار الله الحوثية في اليمن - المدعومة من إيران - في سبتمبر من العام 2014، بمشروع السيطرة على الأوضاع في الجمهورية اليمنية، التي توصف بأنّها خاصرة الجزيرة العربية، قابله تدخل عسكري دولي بقيادة السعودية في اليمن، لصدّ تمدّد الحوثيين في مارس من العام 2015، ما عدَّ أوّل عملية عسكرية سعودية مباشرة، لوضع حدٍّ للتدخّلات الإيرانية في الوطن العربي، حيث برز فيها اسم محمد بن سلمان بصفته وزيرًا للدفاع السعودي، إذ تولّى قيادة قوات التحالف الدولي في إطار عملية عاصفة الحزم، مُشرفًا على الضربة العسكرية الأولى الموجّهة ضد الحوثيين في اليمن، ما صعّد من وتيرة الخلافات بين الجانبين، إلى أن انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين كليًا، على خلفية إحراق البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران في بداية العام 2016، وكان - قبلها بشهر تحديدًا - قد انتشر في الإعلام الدولي تقرير مُسرّب من دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية، تناول السياسة العسكرية السعودية بقيادة محمد بن سلمان في مواجهة إيران، حيث أشير في التقرير إلى ما وُصِفَ بـ«سياسة الدبلوماسية الحذرة» للسعودية قد استُبْدِلت بـ«سياسة تدخّل متسرّعة واندفاعية»، وأضيف في التقرير أن «الرياض في عهد الملك سلمان، أصبحت أكثر اندفاعًا في مواجهة التوسّع الإيراني في المنطقة»، والسياسة السعودية التي وُصِمت في التقرير بـ«الاندفاع»، فسّرها مراقبون بأنّها أصبحت «أكثر جرأة» وأخذت المبادرة والقيادة في شؤون الدفاع عن المنطقة العربية من دون الرجوع إلى الدول الغربية، وهو ما أزعج بعض الدول، في حين رأى آخرون، على رأسهم وزارة الخارجية الإيرانية، أن السياسة السعودية الجديدة أصبحت «متهوّرة» على حد تعبير وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف. وقد استُقْبِلَ في إيران خبرُ تعيين محمد بن سلمان في منصب ولي ولي العهد ثم توليه منصب ولاية العهد في المملكة العربية السعودية بانتقادات وترقّب، وعدَّته إحدى الصحف الرسمية بمثابة إعلان حرب على إيران في المنطقة. وفي سلسلة تصريحات لافتة كشفت عن انعدام نقاط التفاهم بين الرياض وطهران، منذرة بنقل الصراع إلى الداخل الإيراني، قال محمد بن سلمان في 3 مايو 2017: «أن السعوديين لن ينتظروا حتى تصبح المعركة في السعودية»، مضيفًا: «نعمل على أن تكون المعركة لديهم في إيران وليس في السعودية»، ما فُهم على أنّه تهديد سعودي جدّي باستمالة القوميات المضطهدة في إيران، حيث تشكّل القوميات غير الفارسية ما بين أربعين إلى ستين بالمائة من مجموع السكان هناك، حين سُئِلَ عن مدى ما تشكله إيران من خطر على السعودية، قال محمد بن سلمان: «أن إيران لا تشكّل الخطر الأكبر على السعودية»، ذلك أنّها بحسب تعبيره: «ليست منافسا للسعودية»، معتبرًا أن الجيش الإيراني ليس ضمن أقوى خمسة جيوش في العالم الإسلامي، مضيفًا أن الاقتصاد السعودي أكبر من الاقتصاد الإيراني، خاتما حديثه بالقول: «إيران بعيدة جدًا عن أن تكون مساوية للسعودية»، لكنّه أكّد على أن: «إيران هي العدو الأكبر للمنطقة»، لما تمارسه من «إرهاب وتوسّع في البلدان العربية» على حد وصفه، قائلًا أن «الحرب بين السعودية وإيران إذا ما اندلعت ستكون كارثة كبرى»، واصفًا المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بـ«هتلر الشرق الأوسط الجديد» الذي يجب مواجهته عالميًا، ذلك على خلفية مواجهة التدخّلات الإيرانية في المنطقة، وهي التدخلات التي بنى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته عليها في كلمة متلفزة بثت من الرياض في 4 نوفمبر 2017 عبر فيها عن خشيته من الاغتيال، استقالة رفضها الرئيس اللبناني ميشال عون، بينما اتهم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله السعودية بإجباره عليها، وهي اتهامات ردها الحريري في أكثر من مناسبة. وقد دفعت محاولات ولي العهد السعودي التحذير من البرنامج النووي الإيراني، الصراع بين البلدين إلى مرحلة متقدمة على الصعيد الدولي، حيث اتهم مسؤولون إيرانيون ولي العهد السعودي بأنّه وراء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلغاء الاتفاق النووي الإيراني في 9 مايو 2018، وأضافوا أن تصريحات ولي العهد السعودي حول «المشاريع التوسعية والتخريبية الإيرانية» في المنطقة «مزاعم لا أساس لها من الصحة»، ودعوا القيادة السعودية إلى الاتعاظ مما أسموه «مصير صديقهم وحليفهم صدام»، الرئيس العراقي الذي أعِدم في العراق.

محمد بن سلمان آل سعود 
محمد بن سلمان مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في الرواق الغربي للبيت الأبيض.

وكان محمد بن سلمان في مقابلة له مع قناة سي بي إس نيوز الأمريكية في 16 مارس 2018، قد هدّد بأن تتجه المملكة العربية السعودية إلى تحويل برنامجها النووي المدني إلى برنامج نووي عسكري لإنتاج سلاح نووي فيما لو أقدمت إيران على إنتاج قنبلة نووية. داعيا في مقابلة مع صحيفة الواشنطن بوست في 26 مارس 2018 «الولايات المتحدة الأمريكية إلى وضع قوانين وقواعد للتأكد من عدم إساءة استخدام اليورانيوم المخصّب»، في إشارة منه إلى الاتفاق النووي الإيراني الذي يتيح لإيران الاستمرار في عمليات تخصيب اليورانيوم لمدّ البرنامج النووي الإيراني بالوقود النووي، بالإضافة إلى السماح للإيرانيين بمواصلة البحث والتطوير لإنتاج أجهزة الطرد المركزي، وهو ما عدّ من الجانب السعودي، ثغرة تسمح للإيرانيين بالحصول على التقنية اللازمة لإنتاج السلاح النووي. ثم طالب في مقابلة أجرتها معه صحيفة نيويورك تايمز في 28 مارس 2018، بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني فورًا واستبداله بآخر يضمن عدم حصول طهران على أسلحة دمار شامل، مشبّها ذلك الاتفاق بمعاهدة ميونخ، التي عدّها المؤرخون سببًا باشتعال الحرب العالمية الثانية، بعد أن سمحت لألمانيا النازية بقيادة أدولف هتلر بالتوسّع في أوروبا. وبحسب مراقبين، توّجت تحرّكات محمد بن سلمان هذه، باتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قرار إلغاء الاتفاق النووي في 9 مايو 2018، وهو القرار الذي جاء بعد زيارة طويلة قام بها ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة، التقى فيها الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض في 20 مارس 2018، منتقدًا الاتفاق النووي الإيراني. أعقب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي تفجر الصراع الإيراني السعودي في لبنان واليمن حيث أخذ الحوثيون بدعم من حزب الله، يضربون الداخل السعودي بطائرات مسيرة إيرانية، وكانت الهجمات على منشآت أرامكو السعودية في 14 سبتمبر 2019، أكبر ضربة توجه للسعودية، وهي وإن تبنّاها الحوثيون أشارت كل من الحكومتين الأمريكية والسعودية إلى ضلوع إيران فيها، وهو ما أكده التقرير الصادر عن فريق محققي الأمم المتحدة. وأشاد قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في تغريدة له على تويتر بالحوثيين الذين عدّهم فرعًا من فروع حرس الثورة الإسلامية الإيرانية. بعد نحو 111 يومًا وجهت الولايات المتحدة ضربة جوبة لموكب قاسم سليماني حيث قُتل في محيط مطار بغداد الدولي في 3 يناير 2020، في عملية باركتها الخارجية السعودية. وعلى هذه الخلفية من الانقطاع الدبلوماسي والصراع الإقليمي بدأت الدولتان سلسلة مفاوضات برعاية عراقية، انطلقت جولتها الأولى في 9 أبريل 2021 في بغداد، وهي مفاوضات تلاها حديث لولي العهد في 27 أبريل 2021، قال فيه: «إيران دولة جارة، نطمح أن يكون لدينا معها علاقة جيدة ... وألا تصبح الأوضاع في إيران صعبة، بل العكس نريد أن تكون إيران مزدهرة»، غير أن «الإشكالية هو في السلوك السلبي لطهران في المنطقة، إن كان عبر برنامجها النووي أو الصاروخي أو دعمها لمليشيات خارجة عن القانون»، مشيرًا إلى أن السعودية تعمل مع شركائها الدوليين لإيجاد حلول لهذه الإشكاليات.

الأزمة اليمنية

في سبتمبر 2014، بدأ الحوثيون – بعد خروجهم من معقلهم في صعدة – بالانتشار بشكل سريع في اليمن، فأتمّوا السيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء، حيث احتلوا دار الرئاسة هناك، ووضعوا الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تحت الإقامة الجبرية، ثم أجبروه على تقديم الاستقالة، وأخذوا قرارًا بتعطيل الدستور، زاحفين عسكريًا على مجمل الأراضي اليمنية، وبفرار الرئيس هادي إلى مدينة عدن - التي أعلنها عاصمة مؤقتة - أعلن بصفته رئيسا للجمهورية، التعبئة العسكرية العامة والحرب على الحوثيين، مقدّمًا طلبًا رسميًا باسم الحكومة اليمنية، دعا فيه قوات درع الجزيرة إلى التدخل في اليمن، وهو ما تم من خلال تشكيل تحالف من عدد من الدول العربية باسم التحالف العربي، أطلق عملية عسكرية بقيادة السعودية، تحت مسمّى عاصفة الحزم، قام محمد بن سلمان بالإشراف على الضربة العسكرية الأولى التي وجهت لما تسمى «معاقل الحوثيين» في اليمن. وتشير التقارير إلى ارتفاع نسبة سيطرة قوات الشرعية الحكومية اليمنية على الأراضي اليمنية، من قرابة الصفر في المائة قبل بدء عملية عاصفة الحزم، إلى نسبة ما بين ثمانين إلى خمسة وثمانين في المائة، وهو ما عدّ انتصارا لقوات الشرعية بمساندة التحالف. غير أن منظمات حقوقية دولية لم تخف انتقاداتها للحرب الدائرة في اليمن، حيث وجّهت إلى كل من الحوثيين وطيران التحالف العربي اتهامات بقصف أهداف مدنية، في عمليات، وصفتها بأنّها قد ترقى إلى جرائم حرب، مطالبة المجتمع الدولي بالتحقيق في تلك الأحداث، وقد علّق محمد بن سلمان على بعض تلك التقارير قائلًا أن «الأخطاء واردة في أي عملية عسكرية»، لكنّها إن حدثت من جانب المملكة أو دول التحالف فهي أخطاء غير متعمّدة وغير مقصودة. وكان الحوثيون قد أعلنوا أنّهم يعملون على أن تكون الحرب في اليمن، حرب استنزاف للتحالف، وذلك بعيد إعلان التحالف العربي التدخّل العسكري في الحرب في اليمن، وهي الحرب التي وصفها محمد بن سلمان أن قرار دخولها لم يكن خيارًا بل كان اضطرارًا، وأن الخيارات في اليمن كانت بين «سيئ وأسوأ» على حد وصفه، مضيفًا أن التدخّل هناك حال دون أن ينقسم البلد بين الحوثيين وتنظيم القاعدة.

الأزمة السورية

فيما يتعلق بالأزمة السورية، يقول مراقبون أن محمد بن سلمان فجَّر مفاجئة، حين أعرب عن اعتقاده بقرب انتهاء أجل الصراع في سوريا وببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم مع تضائل فرص تنحيته، في إشارة إلى تغيّر موقف السعودية تجاه الملف السوري، مطالبًا من جهة روسيا بأن يكون لديها نفوذ قوي ومباشر في سوريا، وأن تعمل على تقوية وتمكين النظام السوري لتقليل النفوذ الإيراني، وأن تحافظ دمشق على آيديولوجيتها، وأن يقوّي بشار الأسد نظامه – أمام المد الإيراني– لئلا يصبح الرئيس السوري «دمية بيد إيران» على حد تعبيره، معربًا عن اعتقاده أن مصالح الرئيس السوري هي «ألا يدع الإيرانيين يفعلون ما يريدون فعله (في سوريا)»، ومن جهة أخرى مطالبًا أمريكا بأن تُبقي على وجودها العسكري في الشرق السوري لتقطع الطريق على المشروع الإيراني في المنطقة. جاء حديث ولي العهد السعودي في مقابلة مع مجلة تايم في 30 مارس 2018، عند تواجده في الولايات المتحدة الأمريكية وعقب أيام من لقائه الرئيس الأمريكي ترمب في البيت الأبيض، قائلًا: «لا أعلم إن كان بعض الأشخاص سيغضبون حينما أجيب عن ذلك السؤال، لكنني لا أكذب، أعتقد أن الكذب على الناس أمرٌ مُخزٍ فعلًا، وخصوصًا في العام 2018، حيث يكاد يكون أمرًا مُستحيلًا أن تُخفي شيئًا عن الناس، أعتقد أن (الرئيس السوري) بشار (الأسد) باقٍ في الوقت الحالي، وأن سورية تُمثل جزءًا من النفوذ الروسي في الشرق الأوسط لمدة طويلة جدًا»، مضيفًا: «لا أعتقد أنه سيرحل من دون حرب، ولا أعتقد أنه يوجد أي أحد يريد أن يبدأ هذه الحرب، لما ستحدثه من تعارض بين الولايات المتحدة وروسيا، ولا أحد يريد رؤية ذلك». وحين سُئِلَ عن رأيه حول فكرة سحب أمريكا لقواتها من سوريا، وهي رغبة الرئيس الأمريكي ترمب، قال محمد بن سلمان: أنّه يعتقد أن على القوات الأمريكية «أن تبقى (في شرق سوريا) على المدى المتوسط على الأقل، إن لم يكن على المدى الطويل، ذلك لأن الولايات المتحدة تحتاج لأن تمتلك أوراقًا للتفاوض وممارسة الضغط»، لافتًا إلى أنه: «في حال إخراج تلك القوات فأنك ستخسر تلك الأوراق، هذا أولًا، أمّا ثانيًا فأنت تحتاج إلى نقاط تفتيش في الممر بين حزب الله (اللبناني) وإيران، لأنك إن أخرجت هذه القوات من شرق سوريا فستخسر نقطة التفتيش تلك، وسيساهم ذلك الممر في تصعيد أمور أخرى في المنطقة». وفي مارس 2023، بدأت المملكة العربية السعودية محادثات لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وقدمت الدعم الاقتصادي بعد زلزال قهرمان مرعش 2023 في 6 فبراير والذي حدث في سوريا وتركيا. وفي مايو 2023 حضر الرئيس السوري بشار الأسد قمة الجامعة العربية في جدة حيث استقبله محمد بن سلمان فيها.

القضية الفلسطينية

في حوار له مع مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية، نُشِر في 2 أبريل 2018، حول رؤيته للصراع العربي الإسرائيلي ومستقبل العلاقات العربية مع إسرائيل، قال محمد بن سلمان أن المملكة العربية السعودية لا يمكن أن يكون لها أي علاقة مع إسرائيل قبل الوصول إلى سلامٍ عادلٍ ومُنْصِفٍ تُحلُّ بموجبه القضية الفلسطينية في إطار حلِّ الدولتين، كاشفًا عن مخاوف دينية حول مصير المسجد الأقصى في القدس وحول حقوق الشعب الفلسطيني، جاء ذلك في معرض ردّه على سؤال حول «حق الشعب اليهودي في أن تكون له دولة» قائلا:«أعتقد عمومًا أن كل شعب، في أي مكان، له الحق في العيش في بلده المسالم. أعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق في امتلاك أرضهم الخاصة، لكنّه يجب أن يكون لدينا اتفاق سلامٍ عادلٍ ومُنصفٍ لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية بين الشعوب». وكان ولي العهد السعودي قد وصف قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إعلان القدس عاصمة إسرائيل، ونقله السفارة الأمريكية إلى القدس بـ«المؤلم». ويقول مراقبون أن ولي العهد السعودي حسب هذه الرؤية لا يخرج عن الإجماع العربي حول القضية الفلسطينية، وقد تأكد ذلك من مخرجات القمة العربية في الظهران، التي عُقِدَت بعد هذا اللقاء بأيام، وأطلقَ الملك سلمان بن عبد العزيز عليها اسم «قمة القدس»، إذ تمسّكت القمة برئاسة السعودية بحل الدولتين وفق مبادرة السلام العربية، ينص على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية على حدود 1967.

الصين

تعد الصين أكبر شريك تجاري للسعودية وفقًا لإحصاء وكالة الجمارك الصينية لعام 2021، إذ بلغ التبادل التجاري بينهما نحو 87.3 مليار دولار، مقابل 67.1 مليار دولار أمريكي في 2020، بزيادة بلغت 30 في المائة، بينما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2014، نحو 66 مليار دولار أمريكي، وذلك قبل عام من وصول الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الحكم. بدأت ملامح التوجه السعودي نحو الشرق والصين تحديدًا تتشكل سريعًا بعد أن حَوّلت الإدارة الأمريكية إبان رئاسة باراك أوباما دفة أولوياتها الإستراتيجية بعيدًا عن الشرق الأوسط والخليج العربي، لتشهد العلاقات السعودية الصينية منذ ذلك الحين تطورًا أخذ بالتصاعد بزيارة الرئيس الصيني للرياض في 19 يناير 2016، حيث رفع الجانبان مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى «الشراكة الإستراتيجية الشاملة»، بعد إعلان رغبتهما المشتركة في توثيق التعاون بينهما ليصل لمستوى أعلى في مختلف المجالات «السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والإنسانية والعسكرية والأمنية والطاقة وعلى المستويين الإقليمي والدولي». وعُززت العلاقات أكثر بزيارة الأمير محمد بن سلمان للصين على رأس وفد حكومي من 300 شخص ضمن أعمال قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في مدينة هانغتشو شرقي الصين في 4 سبتمبر 2016، إذ شدّد على أهمية العلاقات السعودية الصينية، في ظل اتساع رقعة المصالح المشتركة بين البلدين وتقارب وجهات نظرهما في الكثير من الشؤون الدولية، مشيرًا إلى أن الاقتصاد والتجارة في البلدين يمكن أن يكمل بعضهما الآخر، وذلك بعد أشهر من إطلاقه لرؤية السعودية 2030، وجائت زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز لبكين في 15 يناير 2017 التي رافقه فيها وفد حكومي ضم ألف شخص في مُستهل جولة آسيوية استغرقت شهرًا، ووقعت فيها القيادة السعودية مع القيادة الصينية على اتفاقات بقيمة تجاوزت 65 مليار دولار أمريكي، لتُعمق الشراكة بين البلدين في مسعى وُصِف بالعملي لدمج مبادرة الحزام والطريق مع رؤية السعودية 2030، في حين وُصِفت زيارة محمد بن سلمان إلى بكين في 21 فبراير 2019 بأنها «مواصلة لخلق حقبة جديدة من العلاقات بين البلدين»، حيث وقع الجانبان خلالها على 35 اتفاقية بقيمة تزيد عن 28 مليار دولار أمريكي، وتضمنت خطة لإدراج اللغة الصينية مادة اختيارية في جميع مراحل التعلیم العام والجامعي في السعودية، لزيادة الروابط التجارية والثقافية بين البلدين. وفي ختام زيارته للصين، قال محمد بن سلمان إن: «المملكة العربية السعودية تلتزم بشدة بسياسة الصين الواحدة»، مضيفًا أن «للصين الحق في اتخاذ التدابير لمكافحة الإرهاب والتطرف حماية لأمنها القومي». وقد رُدَّ هذا التقارب والنمو المطرد للعلاقات بين البلدين إلى التزام الدولتين بمبدأ الاحترام المتبادل للسيادة وعدم الإضرار بسلامة ووحدة أراضيهما وعدم التدخل في السياسات الداخلية لبعضهما البعض وعدم التدخل في القيم المجتمعية لكلا البلدين، ودعمهما للتعددية القطبية وقضية إصلاح مجلس الأمن الدولي.

لم تختزل هذه الزيارات والاتفاقات على الجانب الاقتصادي وحسب، بل اتخذت بعدًا أمنيًا بشأن التعاون في مكافحة الإرهاب، وبعدًا عسكريًا كُشفت بعض جوانبه، ومنها اتفاق سعودي صيني توصل إليه الطرفان في 5 مارس 2022، لبناء مصنع للطائرات دون طيار في السعودية، وصفقات تسليح وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال. وكانت شبكة سي إن إن الأمريكية قد نشرت في 5 يونيو 2019، تقريرًا سريًّا استند على ثلاثة مصادر استخباراتية، يفيد أن السعودية بدأت تطور برنامجها الخاص للصواريخ البالستية بمساعدة صينية، وقد خلصت المعلومات الاستخباراتية الأمريكية إلى أن السعودية وسعت بنيتها التحتية والتقنية للصواريخ البالستية عبر عمليات شراء حديثة من الصين، ورغم أن أهداف البرنامج الصاروخي السعودي لم تتضح في التقارير الاستخباراتية، إلا إن مصدرًا أوضح أن هذه الخطوة تعزز جهودًا محتملة للسعودية لدعم برنامجها النووي العسكري متى ما حازت على رأس نووي حربي، وهي خطوة فُسرت بأنها تنفيذ لتحذيرات أطلقها محمد بن سلمان في مقابلة سابقة له مع قناة سي بي إس نيوز الأمريكية في 16 مارس 2018، حين هدّد بتحويل البرنامج النووي المدني السعودي إلى برنامج نووي عسكري لإنتاج سلاح نووي فيما لو أتيح لإيران إنتاج قنبلة نووية، ولم تؤكد السعودية صحة هذه التقارير إلا إن الصين أعلنت أن شراكتها الإستراتيجية ومنها العسكرية مع الرياض، لا تنتهك أي قانون دولي، وقد دفعت هذه الشراكة بمدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز أن يزور السعودية سرًا للاجتماع مع الأمير محمد بن سلمان في محاولة لإصلاح العلاقات الأمريكية السعودية ولبحث مجالات عدة، على رأسها تنامي العلاقات السعودية الصينية في الجانبين الاقتصادي والعسكري، وقد أجري الاجتماع في منتصف أبريل 2022 في جدة، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال في 3 مايو 2022.

الولايات المتحدة

إدارة ترمب

محمد بن سلمان آل سعود 
محمد بن سلمان مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في المكتب البيضاوي.

توصف العلاقات الأمريكية السعودية بأنّها «تاريخية» و«إستراتيجية» بعد حلف بدأ في العام 1940، إلّا أنّ العلاقات بين البلدين، بحسب المراقبين، شهدت الكثير من التوتّرات الدبلوماسية، إبّان عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي اتّهم من جانب أطراف خليجية، بأنّه سعى إلى تحسين العلاقات الأمريكية الإيرانية على حساب «العلاقات الأمريكية العربية» و«الأمريكية الخليجية»، ذلك بعد انكشاف المفاوضات السرية بين واشنطن وطهران، والتي أدّت إلى توقيع الاتفاق النووي الإيراني، الذي نال انتقادات واسعة من دول الخليج العربية. وكان الرئيس الأمريكي أوباما، في مقابلة له مع مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية، نُشّرت في أبريل 2016، في معرّض ردّه على سؤال، عمّا إذا كانت السعودية دولة صديقة لأمريكا، أجاب: «الأمر معقّد»، مضيفًا: «دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى مشاطرة إيران في الشرق الأوسط»، ما فُهِم على أنّه بمثابة ضوء أخضر أمريكي إلى طهران، يمنحها حرية التصرّف دون رادع في المنطقة، ما أدّى إلى تدهور غير مسبوق في «العلاقات الأمريكية السعودية»، وتحوّلها من علاقة كانت توصف بـ«الوثيقة والدافئة»، إلى أخرى «مشحونة».

إلا أنّ العلاقات، سرعان ما بدأت تعود إلى طبيعتها، بُعيد انتخاب دونالد ترمب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، الذي أعلن أكثر من مرة أنّه يريد مكافحة التوسّع الإيراني في الشرق الأوسط، وتمزيق الاتفاقية النووية مع إيران، التي طالما وصفها بأنّها «كارثية»، وهي النقاط التي يرى المراقبون أنّها عادت وجمعت الطرفين الأمريكي-السعودي؛ فأصبح محمد بن سلمان -حين كان وليًا لولي العهد- أوّل مسؤول سياسي عربي يلتقي الرئيس الأمريكي ترمب في البيت الأبيض، في 14 مارس 2017 (بعد تولي الأخير منصب الرئاسة بشهرين)، حيث أقام ترمب مأدبة غداء لمحمد بن سلمان، قائلًا لأعضاء فريقه في البيت الأبيض: «أعتقد أن لدينا شريكًا قويًا». وقد وُصِفَ الاجتماع بين الرجلين بأنّه «نقطة تحوّل تاريخية في مسار العلاقات بين البلدين»، عكس وجود تطابق كبير في وجهات النظر والأهداف بين المملكة العربية السعودية وأميركا تجاه إيران. وفي 4 مايو 2017، أعلن ترمب من حديقة البيت الأبيض: أن «أوّل محطة خارجية لي كرئيس للولايات المتحدة ستكون إلى السعودية»، حيث حطّت طائرته الرئاسية في الرياض في 20 مايو 2017، لحضور قمة الرياض، التي التقى فيها بالملك سلمان، وشهدا معًا توقيع اتفاقيات بين الجانبين الأمريكي-السعودي، سمّيت بـ«اتفاقية الرؤية الإستراتيجية المشتركة» بحجم استثمارات تجاوزت قيمتها 400 مليار دولار أمريكي، ووصفت بأنّها اتفاقية «تاريخية وغير مسبوقة». وفي 20 مارس 2018، عاد محمد بن سلمان -بعد أن أصبح وليًا للعهد- إلى زيارة البيت الأبيض ملتقيًا بترمب، مطالبًا من واشنطن بـ«إنهاء الاتفاق النووي فورًا»، وهو ما تم في 9 مايو 2018، بعد قرار الرئيس الأمريكي ترمب انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي، وإعادة العقوبات على إيران.

وتجمع محمد بن سلمان علاقات - توصف بالوثيقة - مع جاريد كوشنر (زوج إيفانكا ترمب، ابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب)، تعرضت في بعض الأحيان لانتقادات في واشنطن، بسبب «تجاوزها للقنوات الدبلوماسية المعتادة».

إدارة بايدن

كانت العلاقات بين السعودية وجو بايدن متوترة منذ أن كان نائبًا للرئيس إبّان رئاسة باراك أوباما، خاصة بعد أن وصمها بدعم الإرهاب بالتدريب والسلاح والمال من جانب، ومن جانب آخر حين شبه التحالف الأمريكي السعودي بالتحالف الأمريكي السوفيتي إبّان رئاسة ستالين، وهي تصريحات عاد واعتذر عنها لاحقًا واصفًا إياها بأنها «هفوة دبلوماسية» غير مقصودة، ورغم أن الجانبين الأمريكي والسعودي أعلنا طي المسألة، إلا إن العلاقات بين البلدين دخلت منعرجًا حادًا حين وقعت واشنطن وطهران على الاتفاق النووي الذي كان بايدن نصيرًا له ضمن إدارة أوباما، ولم تخف السعودية امتعاضها من هذا الاتفاق، إذ قال الأمير بندر بن سلطان إنه سيُتيح لإيران امتلاك قنبلة ذرية، وسيجعلها «تعيث فسادًا في الشرق الأوسط الذي يعيش بالفعل أجواء كارثية أصبحت إيران فيه لاعبًا رئيسيًا في زعزعة استقرار[ه]»، تزامن ذلك التقارب الأمريكي الإيراني، مع زيارة رسمية للأمير محمد بن سلمان إلى موسكو التقى فيها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث وقعا على ستة اتفاقيات وصفت بالإستراتيجية منها اتفاقيات نووية، وكتبت صحف سعودية بأن هذا التقارب الروسي السعودي قد جاء في الوقت المناسب وأن «تنويع تحالفات» السعودية لا مناص منه في ظل هذا التحول الأمريكي في المنطقة.

مع مجيء دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وانسحابه من الاتفاق النووي، تعهد جو بايدن خلال حملته الرئاسية بالعودة عن قرار الانسحاب الذي وصفه مرارًا «بالخطأ الهائل».

في 20 نوفمبر 2019، خلال المناظرة الحزبية الديمقراطية الخامسة التي انعقدت في ولاية جورجيا، وجمعت جو بايدن بتسعة مرشحين رئاسيين ديمقراطيين آخرين يهدفون للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية لمنافسة الرئيس دونالد ترمب، قال بايدن في معرض ردّه على سؤال عمّا إذا كان سيفرض عقوبات ضد السعودية على خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، إنه يعتقد أن الأخير قد قُتِل بناءً على أوامر الأمير محمد بن سلمان، معلنًا بصريح العبارة أنه يتعهد بـ«وقف بيع السلاح للسعودية، وبمعاقبتها وجعلها دولة منبوذة كما هو واقع حالها وإنهاء أي تعاون أمريكي سعودي»، مضيفًا أن السعودية «بلا قيمة حضارية».

وقد تضررت العلاقات الأمريكية السعودية بشكل كبير منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض، فبعد أقل من شهر من مراسم تنصيبهِ رئيسًا للولايات المتحدة، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض جينيفر بساكي في 16 فبراير 2021، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يعتزم إعادة تقييم العلاقات الأمريكية مع السعودية، وأنه سيتواصل مع الرياض مباشرة مع الملك سلمان بن عبد العزيز فقط دون ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مشيرة إلى عدم وجود أي خطط لاتصال بالسعودية، وهو ما شكل إعلانًا لبدء تنفيذ وعود بايدن الانتخابية، وهو إعلان عاد وأكد عليه الرئيس الأمريكي جو بايدن في مقابلة له مع شبكة يونيفزيون بُثت في 27 فبراير 2021، حيث قال: «تحدثت مع الملك أمس وليس مع ولي العهد وأخبرته بوضوح أن القواعد تتغير، وأن واشنطن ستعلن عن تغييرات كبيرة في العلاقات الأمريكية-السعودية»، وجاء هذا الاتصال في 26 فبراير 2021، في اليوم الذي أمر فيه بايدن وكالة المخابرات المركزية بنشر تقييمها بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. غير أن الإدارة الأمريكية ممثلة بوزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ما لبثت أن اجتمعت في 6 يوليو 2021، بنائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان آل سعود في اجتماعات عدة له خلال زيارته للولايات المتحدة، وذلك بعد أشهر معدودات من وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض. وفي 27 سبتمبر 2021، أوفد الرئيس الأمريكي جو بايدن مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان للقاء محمد بن سلمان، وهو أعلى مسؤول أمريكي يصل إلى السعودية بعد ثمانية أشهر من تنصيب بايدن، وقد زعمت صحيفة وول ستريت جورنال في 19 أبريل 2022، بعد أكثر من ستة أشهر من الاجتماع، أن الأمير محمد بن سلمان أنهى الاجتماع بعد أن «صرخ» في وجه المسؤول الأمريكي ما إن تطرق لحادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، مشيرة إلى قول الأمير: «إنه لا يرغب أبدًا في مناقشة الحادثة مرة أخرى، وعلى الولايات المتحدة أن تنسى مطالبها في زيادة إنتاج النفط»، إلا إن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي «أدريان واتسون» نفت مناقشة إنتاج النفط مع الأمير محمد، مشيرة إلى أن الاجتماع لم يتخلله «صراخ»، وهو ما أكده مسؤول إعلامي سعودي عامل في السفارة السعودية بواشنطن.

وفي حوار له مع مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية، نُشِر في 3 مارس 2022، قال الأمير محمد بن سلمان بإنه «ببساطة لا يتهم» إن كان الرئيس الأمريكي قد أخذ صورة خاطئة عنه، مضيفًا أن «الأمر متروك له في التفكير في مصالح أمريكا»، وقد نقلت وكالة بلومبرغ الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن تبحث في مدى جدية تصريحات ولي العهد السعودي، إن كانت «مجرد كلام أم تحولًا حقيقيًا في السياسة السعودية».

وفي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، عاد وطلب الرئيس الأمريكي من السعودية زيادة إنتاج النفط، إلا إن الرياض لم تتجاوب مع هذه المطالب، وضمن هذا الأخبار زعمت صحيفة وول ستريت جورنال في 8 مارس 2022، وفقًا لمسؤولين في الولايات المتحدة والشرق الأوسط، أن البيت الأبيض حاول ترتيب مكالمات بين الرئيس جو بايدن والأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد، ضمن مساعي واشنطن لاحتواء ارتفاع أسعار النفط، لكن «دون جدوى» حيث رفض ولي عهد السعودية وولي عهد أبو ظبي الحديث مع الرئيس الأمريكي، وقالت الصحيفة الأميركية إن المسؤولين السعوديين والإماراتيين أصبحوا أكثر صراحة في الأسابيع الأخيرة في «انتقاداتهم للسياسة الأميركية في الخليج [العربي]»، بينما وصف مدير برنامج الطاقة والخليج في معهد واشنطن، سايمون هندرسون، الموقف الخليجي بأنه «أمر غير عادي»، قائلًا: «يبدو أن محمد بن سلمان ومحمد بن زايد غاضبان من واشنطن»، لكن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، إميلي هورن، وصفت التقرير بأنه «لا يعكس الحقيقة».

وفي 15 مارس 2022، زعمت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير جديد لها أن السعودية تجري محادثات مع الصين، لبيع بعض منتجاتها النفطية بعملة اليوان الصيني، مما عُدَّ تحولًا آخر وُصِف ب«الدراماتيكي» من قبل أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، وضربة قاتلة لسيادة الدولار الأمريكي في النظام المالي العالمي، حيث يسيطر اليوم على 80 في المائة من مبيعات النفط العالمية، بقيمة مقدرة يمكن أن تبلغ خلال عام 2022 نحو 2.6 تريليون دولار أمريكي، وهي سيطرة فتحت السعودية الأبواب عليها منذ أن حددت الدولار عملة رسمية للمبيعات النفطية في العام 1974، في اتفاقية أبرمت في عهد إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون، شملت ضمانات أمنية أمريكية للمملكة، وهو اتفاق ساهم في ترسيخ المكانة العالمية للدولار الأمريكي، بوصفها عملة مفضلة ومهيمنة بين احتياطات النقد الأجنبي حول العالم. ووفقًا لمراقبين، فإن هذه المزاعم إن صحت فستؤذن بانتهاء عصر البترودولار، وهي مؤشر لعمق التدهور الكبير للعلاقات الأمريكية السعودية، التي وُصِفت إثر هذه التقارير بأنها قد بلغت «أدنى مستوياتها منذ عقود»، حيث كتبت صحيفة وول ستريت جورنال في 19 أبريل 2022 تقريرًا عن هذا التدهور، عنونته بـ«كيف وصلت العلاقات السعودية الأمريكية إلى هذا المستوى؟»، تزامن ذلك مع زيارة غير معلنة أو مجدولة لمدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز إلى السعودية حيث اجتمع بعيدًا عن وسائل الإعلام مع الأمير محمد بن سلمان في محاولة لإصلاح العلاقات الأمريكية السعودية ولبحث مجالات عدة، على رأسها تنامي العلاقات السعودية الصينية في الجانبين الاقتصادي والعسكري، وقد أجري الاجتماع في منتصف أبريل 2022 في جدة، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال في 3 مايو 2022.

تلا زيارة وليام بيرنز، زيارة أخرى غير معلنة للرياض أجراها اثنان من كبار مستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن في 24 مايو 2022، للتفاهم حول موضوعات مشتركة عدة من بينها زيادة إنتاج النفط، وقد سُرّبت أخبار زيارة المستشارين في 25 مايو 2022 لموقع «أكسيوس» الأمريكي، حيث أفادت المصادر أن كل من المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك ومبعوث الطاقة بوزارة الخارجية الأميركية «آموس هوشتاين» لا يزالان في المملكة، معلنة لأوّل مرة عن وجود نية محتملة لبايدن في زيارة المملكة العربية السعودية للقاء الملك وولي العهد ضمن رحلته المخطط لها إلى الشرق الأوسط في نهاية شهر يونيو 2022، إلا إن المصادر الأمريكية ربطت مجيء الرئيس الأمريكي بضرورة التوصل إلى اتفاق حول تلك التفاهمات. ولم تصدر أي بيانات رسمية من الجانبين، وظلت الأنباء حول زيارة بايدن للسعودية غير مؤكدة، حتى حين أعلن البيت الأبيض في 3 يونيو 2022 عن تأجيل الرحلة الرئاسية إلى شهر يوليو 2022، إلى أن صدر بيان من الديوان الملكي السعودي في 14 يونيو 2022، أعلن فيه عن زيارة رسمية مرتقبة للرئيس الأمريكي للمملكة العربية السعودية ما بين 15 و16 يوليو 2022، وقد كتب الرئيس الأمريكي جو بايدن مقالًا في صحيفة الواشنطن بوست بعنوان «لماذا سأذهب إلى السعودية العربية؟»، نُشر في 9 يوليو، قبل أيام على وصوله للسعودية، يبرر فيه قراره في زيارة المملكة، في حين وصفت سفيرة خادم الحرمين الشريفين في الولايات المتحدة الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود، زيارة بايدن للسعودية بالمحورية، معلنة أن العلاقات الأمريكية السعودية تدخل مرحلة جديدة، مشيرة إلى أن «عهد النفط مقابل الأمن قد ولى منذ أمد بعيد» وذلك عبر مقال نشرته في صحيفة بوليتيكو في 14 يوليو 2022.

وما إن حطت الطائرة الرئاسية الأمريكية في مطار الملك عبد العزيز في جدة، حتى بدت مظاهر الفتور وقلة الحماس جلية في استقبال الرئيس الأمريكي بايدن الذي وجد نفسه أمام أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل بن عبد العزيز آل سعود والأميرة ريما بنت بندر آل سعود، خلافًا لما حظي به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب من حفاوة وترحيب عند زيارته للمملكة في عام 2017. وتنص المراسم الملكية السعودية على: «أن يكون أمير المنطقة أو نائبه في استقبال الزائر الضيف على مستوى القادة إذا كانت زيارة الأخير بناء على رغبته، أما إذا جاءت تلبية لدعوة من الملك أو ولي العهد فيكون الداعي في استقبال الضيف»، وهو ما سجلته وسائل الإعلام العالمية في وقت لاحق حين حضر محمد بن سلمان شخصيًا في المطار لاستقبال قادة الدول الخليجية والعربية المشاركين في قمة جدة. وقد تحرك موكب الرئيس الأمريكي إلى قصر السلام، حيث استقبله ولي العهد محمد بن سلمان بعد أن تبادلًا التحية بقبضة اليد منهيًا بذلك مقاطعته للأمير لتصبح الصورة الأشهر في رحلة الرئيس الأمريكي للمنطقة، ثم التقى بايدن بالملك سلمان بحضور ولي العهد. ورغم أن بايدن قد أعلن في 17 يونيو 2022 أنه لن يعقد اجتماعًا ثنائيًا مع محمد بن سلمان، إلا إنه فعل.

الجماعات الإسلامية

في عدد من اللقاءات الصحفية في الولايات المتحدة، شن محمد بن سلمان – ما وُصِف بأنّه – الهجوم الأكبر على الجماعات الإسلامية، أبرزها تنظيم الإخوان المسلمين، الذين عدّهم ثالث أضلاع «مثلث الشر في العالم، إلى جانب كل من إيران والجماعات الإرهابية» على حد تعبيره، مضيفًا أن مثلث الشر يريد السيطرة على العالم عبر أيديولوجيا متطرفة، بقوله: «هذا المثلث يروج لفكرة أن الله والدين الإسلامي لا يأمرنا بنشر الرسالة فقط، بل بناء إمبراطورية يحكمونها بفهمهم المتطرف»، مؤكدًا: «المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والبحرين وعمان والكويت والإمارات العربية المتحدة واليمن، تدافع عن فكرة أن الدول المستقلة يجب أن تركز على مصالحها وبناء علاقات جيدة على أساس مبادئ الأمم المتحدة، فيما مثلث الشر لا يريد القيام بذلك». وكان محمد بن سلمان قد قال أن: «كل إرهابي إن بحثنا في بداياته، لابدّ أنّه كان إخوانيًا، أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة وأيمن الظواهري من بعده كانا كذلك، أبو بكر البغدادي زعيم الدولة الإسلامية أيضًا»، واصفًا الإخوان المسلمين بـ«حاضنة الإرهابيين» و«الخطر الأعظم الذي يفوق الشيوعية أيام الحرب الباردة ويفوق إرهاب تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية وأي أمر شاهدناه خلال آخر مائة عام من التاريخ»، مُحذِّرا من أنّهم (أي جماعة الإخوان) يريدون تحويل القارة الأوروبية إلى «قارة إخوانية» خلال ثلاثين عامًا، ذلك بالعمل على أدلجة المجتمعات الإسلامية في أوروبا وسحبها نحو التطرّف على حد وصفه، ذلك «أنهم يريدون نشر الخلافة (الإسلامية) من خلال استغلال الديمقراطية»، مطالبًا الدول الأوروبية أن تحذو حذو المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر والإمارات العربية المتحدة في سنّ قوانين ونظم تجرّم الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين بصفتها تنظيمًا إرهابيًا عالميًا، وحسبما نُشِر في مجلة التايم؛ فإن ولي العهد السعودي توعّد باجتثاث التطرّف من المملكة العربية السعودية، قائلًا: أنهم (أي السعوديون في المملكة) على الطريق الصحيح، إذ صنّفوا جميع التنظيمات المتطرّفة وفق معايير واحدة لا تستثني أحدًا من المتطرفين، منتقدًا الدول الغربية التي تحارب الإرهاب في العالم وفق معتقداتها بينما تفتح أبوابها أمام المتطرفين من خلال تقديم فرصة الاعتدال والانفتاح في الغرب بينما تتجاهل أفعال هؤلاء الأشخاص خارج الدول الغربية.

وكان محمد بن سلمان قد أعلن عشيّة زيارته إلى الولايات المتحدة في 19 مارس 2018، في مقابلة بثتها شبكة سي بي اس نيوز الأميركية، أن «المدارس السعودية تعرضت لغزو من عناصر جماعة الإخوان المسلمين»، متوعّدا بالقضاء على التشدّد في النظام التعليمي في السعودية بالقريب العاجل على حد وصفه، مضيفًا: «لا توجد دولة في العالم تقبل أن تعرض نظامها التعليمي لغزو من أي جماعة متطرفة». ويرى مراقبون أن ما تُسمّى بـ«السعودية الجديدة»، التي توصفُ بأن عرّابها هو محمد بن سلمان، تحتاج إلى إحداث قطيعة كليّة مع كل الأفكار التي توصف بالمتطرفة، ويعتقد هؤلاء المراقبون أن إعلان محمد بن سلمان الحرب على تلك الجماعات الإسلامية هو من أجل القيام بكل تلك التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية الجذرية التي يريد تنفيذها في السعودية في إطار رؤية السعودية 2030. وكان المكتب العام لجماعة الإخوان المسلمين أصدر بيانا شن فيه هجومًا وصف بالعنيف ردًا على تصريحات ولي العهد السعودي بحق الجماعة، واعتبر البيان أن ما جاء في تلك التصريحات «كذب وافتراء»، وأن الجماعة «شاركت بكل صدق في بناء المجتمع السعودي»، معتبرًا أن السياسة التي يتّبعها محمد بن سلمان والإجراءات التي يتّخذها ضدهم وفي السعودية «نكوث عن الواجب الديني والقومي»، وهي محاولة برعاية «صهيوأمريكية» لتولي العرش بحسب وصفهم، بينما جاء الرد الإيراني على لسان علي شمخاني أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إذ قال: «بن سلمان حذف كلمة الشر عن الكيان الصهيوني وألصقها بدول أخرى توفر السلام والاستقرار في المنطقة». في حين هاجم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب محمد بن سلمان في نشرة له، معتبرًا أن سياسات ولي العهد السعودي «نذير هلاك»، محذّرًا من تداعيات ما سمّاه «هذه المصائب» على حد ما جاء في بيان التنظيم.

النشاطات الاجتماعية والخيرية

لمحمد بن سلمان نشاط عديدة في مجال العمل غير الربحي، حيث أسّس مؤسسة خيرية تحمل اسمه وهي مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية "مسك الخيرية"، التي يترأس مجلس إدارتها، والهادفة إلى دعم تطوير المشاريع الناشئة والتشجيع على الإبداع في المجتمع السعودي، كما يرأس مجلس إدارة مركز الملك سلمان للشباب، وهو أيضًا نائب الرئيس ورئيس اللجنة التنفيذية لجمعية الملك سلمان للإسكان الخيري، لتغطية احتياجات أصحاب الدخل المحدود. بالإضافة إلى رئاسته لمجلس إدارة مدارس الرياض. كما كان له مناصب خيرية أخرى سابقة منها:

  • عضو مجلس أمناء مؤسسة ابن باز الخيرية.
  • عضو المجلس التنسيقي الأعلى للجمعيات الخيرية بمنطقة الرياض.
  • عضو مجلس إدارة جمعية البر بمنطقة الرياض.
  • أول رئيس فخري للجمعية السعودية للإدارة، في الفترة (1435هـ – 1437هـ).
  • عضو فخري للجمعية الوطنية الخيرية للوقاية من المخدرات.
  • رئيس مجلس الأعضاء الفخريين لجمعية الأيادي الحرفية.
  • أحد مؤسسي جمعية ابن باز الخيرية لتيسير الزواج ورعاية الأسرة.

أسرته

محمد بن سلمان متزوج من ابنة عمه سارة بنت مشهور بن عبد العزيز آل سعود. وله منها خمسة أولاد، هم: سلمان، مشهور، فهدة، نورة، عبد العزيز.

انتقادات

تشير تقارير حقوقية، أن ولي العهد السعودي - رغم الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي أجراها ورغم انتهاجه نهجًا جديدا في السعودية، وُصِفَ بالتقدمي - إلا أنّه لم يوقف الاعتقالات التي طالت نشطاء سعوديين كثر، من بينهم سفر الحوالي، عوض القرني، علي العمري، سلمان العودة، ناصر العمر. وبحسب الأنباء فإن الاعتقالات جاءت ضد قيادات مرتبطة بتنظيم الإخوان المسلمين في السعودية، المصنّف إرهابيًا في المملكة، في حين أشار مسؤولون سعوديون أن الاعتقالات جرت لتدفع المملكة إلى «إسلام أكثر اعتدالا»، وهو أحد الوعود التي قطعها محمد بن سلمان، في إطار خطط لتحديث المملكة التي توصف بـ«المحافظة بشدّة». وأغلب المعتقلين، سبق اعتقالهم، بين فترات مختلفة في السعودية. وأغلب المعتقلين، رجال دين، يعدّون من رموز وقيادات تيار الصحوة في السعودية، وعرفوا بفتاوى متشدّدة، خاصة تجاه الشيعة. وكانت السعودية قد أطلقت حملة في سبتمبر 2017، لمكافحة ما وصفه بـالإرهاب، إذ طلبت من المواطنين والمقيمين فيها بالإبلاغ عن أي «أفكار إرهابية أو متطرفة»، أو أي نشاط «من شأنه تعريض الوحدة الوطنية إلى الخطر». وكان محمد بن سلمان قد قال أن جماعة الإخوان المسلمين ومن ضمنهم السروريون – وهم قيادات تيار الصحوة – بموجب قوانين السعودية مجرمون، مضيفًا: «حينما نملك أدلة كافية ضد أي أحد منهم، سوف نقاضيهم في المحاكم». وهو ما يُفسِر هذه الاعتقالات.

وأفادت تقارير لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن الاعتقالات لم تستثنِ الناشطات الحقوقيات المدنيَّات، المدافعات عن حقوق المرأة، والداعيات إلى إلغاء نظام ولاية الرجل التمييزي، وإنهاء حظر قيادة المرأة السعودية للسيارة (وهو ما تم بالفعل في يونيو 2018). وكانت المملكة العربية السعودية، في 26 فبراير 2018، قد دافعت عن سجلّها في حقوق المرأة، أمام "لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة" (المعروفة بـ"لجنة سيداو"). بينما رحّبت اللجنة بالإصلاحات التي تبناّها محمد بن سلمان، إلا أنّها حثّت الحكومة السعودية على تسريع جهودها لإلغاء «الأحكام القانونية التي تتطلب تصريح ولي الأمر الذكر لممارسة النساء لحقوقهن»، و«الامتناع عن أي أعمال انتقامية ضد الحقوقيات وأقاربهن» و«ضمان تمكين الناشطات من ممارسة حقوقهن في حرية التعبير وتكوين الجمعيات».

وكانت سفارة كندا في السعودية، قد نشرت في حسابها على تويتر في 5 أغسطس 2018، تغريدة، عبّرت فيها عن «قلق بالغ» إزاء هذه الاعتقالات، مطالبة من السعودية بـ«الإفراج عنهم فورًا»، وهو ما أدّى إلى قرار السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع كندا، معتبرة سلسلة التغريدات الكندية (تغريدة وزيرة الخارجية الكندية، تغريدة وزارة الخارجية الكندية، تغريدة السفارة الكندية في الرياض) «تدخلًا سافِرًا في الشؤون الداخلية السعودية، وانتهاكا للقواعد الدبلوماسية والبروتوكول».

من جانب آخر، حملته بعض المنظمات الحقوقية المسؤولية حول مقتل جمال خاشقجي، وهي الحادثة التي وصفها بأنها «جريمة بشعة» يتحمل «المسؤولية الكاملة» عنها، ذلك أنها حدثت من قبل «مسؤولين سعوديين يعملون في الحكومة السعودية»، وهو يرى أنها مسؤولية أدبية لابدَّ له أن يتحملها لكونه قائدًا في السعودية. جاءت تصريحاته تلك في حوار مصوّر مع نورا أودونيل ضمن برنامج 60 دقيقة، بُثَّ على قناة سي بي إس الأمريكية في يوم الأحد 29 سبتمبر 2019. وحين سُئِل عن كيفية حدوث الجريمة دون أن يعلم بها، قال: «البعض يعتقد أنني يجب أن أكون على علم بما يقوم به ثلاثة ملايين شخص يعملون ضمن الحكومة السعودية يوميًا؟ من المستحيل أن يرفع الثلاثة ملايين تقاريرهم اليومية للقائد في المملكة العربية السعودية أو ثاني أعلى رجل في الحكومة السعودية»، مفصحًا أن التحقيقات إن أثبتت تورط أي شخص سوف تحيله للمحكمة، مهما كانت رتبته أو منصبه ضمن الحكومة. وردًّا على التقارير التي اتهمته بالجريمة، منها «استنتاجات» وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، قال: «أتمنى أن تُخرج هذه المعلومات إلى العلن. إذا كانت هناك أي معلومات تتهمني بالقيام بأي عمل، أتمنى أن يتم إخراجها»، مؤكدًا ألا مصلحة للحكومة السعودية بقتل أي صحفي، وهم لا يشكلون أي خطر على المملكة، وأن الخطر الذي يتهدّد السعودية هو من هذه «الجريمة البشعة التي استهدفت صحفي سعودي في قنصلية سعودية»، مضيفًا لا يمكن تصوّر «الألم» الذي صنعته هذه الجريمة، خصوصًا لدى قيادة وحكومة المملكة العربية السعودية.

الزيارات الخارجية

محمد بن سلمان آل سعود 
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الأمير محمد بن سلمان آل سعود في حفل افتتاح كأس العالم 2018

سافر محمد بن سلمان على نطاق واسع حول العالم، مجتمعًا مع سياسيين ومشاهير ورؤساء أعمال. أولها قام بسلسلة زيارات لروسيا والتقى خلال هذه الزيارات بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعددًا من كبار المسؤولين الروس، أولى هذه الزيارات كان في يونيو 2015، والأخرى في أكتوبر 2015، في منتجع سوتشي جنوب روسيا. أما الزيارة الثالثة لروسيا فكانت في مايو 2017، والزيارة الرابعة كانت في يونيو 2018. كما حضر حفل افتتاح كأس العالم 2018 في موسكو، حيث التقى بشخصيات هامة، مثل: خوان كارلوس فاريلا، نيكولا ساركوزي، سورونباي جينبيكوف، جياني إنفانتينو.

في يونيو 2016، سافر إلى وادي السليكون حيث التقى بشخصيات رئيسية في صناعة التكنولوجيا العالمية في الولايات المتحدة، بما في ذلك مارك زوكربرغ مؤسس موقع فيسبوك. وفي أوائل عام 2018، زار محمد بن سلمان الولايات المتحدة، حيث التقى بالعديد من كبار السياسيين ورجال الأعمال ونجوم هوليود، بما في ذلك الرئيس ترمب، بيل كلينتون، هيلاري كلينتون، هنري كسنجر، مايكل بلومبيرغ، جورج دبليو بوش، جورج بوش الأب، بيل غيتس، جيف بيزوس، أوبرا وينفري، روبرت مردوخ، ريتشارد برانسون، «إيريك غارسيتي» عمدة لوس أنجلوس، مايكل دوغلاس، مورغان فريمان ودوين جونسون. وأشاد الرئيس ترمب بعلاقته مع الأمير محمد.

وفي أغسطس 2016، زار الصين والتقى بالرئيس شي جين بينغ. كما ترأس الوفد السعودي أثناء قمة هانغتشو في الصين في سبتمبر 2016، وخلالها التقى بالعديد من كبار السياسيين، مثل: المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل، ورئيس البرازيل ميشال تامر، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس فرنسا فرانسوا اولاند، ورئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينزي، ورئيسة كوريا الجنوبية باك غن هي، ورئيس كازاخستان نور سلطان، والرئيس التركي رجب أردوغان، ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. كما زار اليابان في سبتمبر 2016، والتقى بالإمبراطور أكيهيتو، وولي العهد ناروهيتو، ورئيس الوزراء شينزو آبي، والعديد من رجال الأعمال.

ولي العهد السعودي زار أيضًا بعض دول أوروبا الغربية، مثل: المملكة المتحدة، حيث التقى برئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، والملكة إليزابيث الثانية والأمير وليم. وفرنسا والتقى بالرئيس إيمانويل ماكرون. وإسبانيا والتقى خلالها بالملك فيليبي السادس، ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي.

محمد بن سلمان آل سعود 
صورة محمد بن سلمان على غلاف مجلة تايم

وقام بزيارات عدة للدول العربية، ابرزها: مصر، حيث التقى خلالها بالرئيس عبد الفتاح السيسي، البابا تواضروس الثاني، الإمام أحمد الطيب، مهاب مميش. والأردن، حيث التقى بالملك عبد الله الثاني بن الحسين. والإمارات العربية المتحدة، إذ التقى خلالها بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان. والكويت ملتقيًا برئيس مجلس الوزراء جابر مبارك الحمد الصباح، وصباح الخالد الحمد الصباح. كذلك البحرين حيث التقى الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة وولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة. وأيضًا تونس والتقى حينها بالرئيس الباجي قائد السبسي. كذلك زار موريتانيا والتقى بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.

كما رأس الأمير محمد بن سلمان وفد السعودية في قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس المقام في الأرجنتين وألتقى برؤساء دول مجموعة العشرين.

في ديسمبر 2021، قام الأمير بجولة خليجية، استغرقت خمسة أيام، زار خلالها سلطنة عمان والإمارات وقطر والبحرين والكويت. حيث وصل في 6 ديسمبر إلى سلطنة عمان في زيارة رسمية، التقى فيها جلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور سلطان عُمان، والذي منحة وسام عُمان المدني من الدرجة الأولى، أحد أرفع الأوسمة العمانية. وفي 7 ديسمبر، وصل إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في زيارة رسمية. خلال الزيارة زار معرض "إكسبو 2020 دبي، في 8 ديسمبر، زار جناح دولة الإمارات، واطلع على محتواه، ثم زار جناح المملكة الذي يعد ثاني أكبر الأجنحة في المعرض. وفي 8 ديسمبر، وصل إلى دولة قطر في زيارة رسمية، وعقد خلال الزيارة الاجتماع السادس لمجلس التنسيق السعودي القطري. في 9 ديسمبر، وصل إلى مملكة البحرين في زيارة رسمية. وكان في استقباله الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، وولي العهد، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة رئيس مجلس الوزراء. وعُقد خلال الزيارة الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي البحريني. في 10 ديسمبر، وصل إلى دولة الكويت في زيارة رسمية. واستقبله الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، في دار يمامة، بحضور الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ولي عهد دولة الكويت. وقلّد أمير دولة الكويت الأمير محمد قلادة مبارك الكبير ووسام الكويت تقديراً لما يبذله من جهود ترسخ روابط الإخاء بين البلدين والشعبين، وتعزز أواصر الأخوة والتفاهم بين دول مجلس التعاون الخليجي.

ألقاب وأوسمة وتكريمات حصل عليها

في 13 يونيو 2017، كشفت مجلة فوربس، عن اختيار محمد بن سلمان ضمن قائمة «رائد التغيير العالمي» لعام 2017. وكان محمد بن سلمان، قد حلَّ ضمن الشخصيات الثلاثة الأكثر تأثيرًا لعام 2017، من بين خمسين شخصية مؤثرة في العالم، بحسب القائمة السنوية التي تصدرها مجلة بلومبيرغ. وفي نهاية العام 2017، منحته مجلة تايم الأمريكية، لقب «شخصية العام» لعام 2017 باختيار القراء. وكانت مجلة فوربس الشرق الأوسط، قد منحته - بصفته رئيسًا لمجلس إدارة مركز الملك سلمان للشباب - جائزة شخصية العام القيادية لدعم رواد الأعمال لعام 2013، كذلك اختارته مجلة السياسة الخارجية الأميركية فورين بوليسي، ضمن القادة الأكثر تأثيرًا في العالم، ضمن قائمتها السنوية لأهم مائة مفكِّر في العالم لعام 2015. وحلّ في المركز الثامن عالميًا والأول عربيًا، ضمن قائمة مجلة فوربس الأمريكية، لأقوى 75 شخصية في العالم لعام 2018.

في 25 نوفمبر 2018، منح ملك البحرين حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الممتازة إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لجهود سموه في دعم وتعزيز العلاقات السعودية البحرينية. وفي 27 نوفمبر من عام 2018، قلّد رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الصنف الأكبر من وسام الجمهورية تقديرًا لجهوده في دعم وتعزيز العلاقات التونسية السعودية. في 18 فبراير 2019، قام الرئيس عارف ألفي بمنح أرفع وسام مدني في دولة باكستان وهو ما يسمى «نيشان باكستان» للأمير محمد بن سلمان، تقديرا لزيارته.

في 3 مارس 2021، منحت جامعة الدول العربية، شهادة تقدير درع العمل العربي التنموي للأمير محمد، تقديراً للإنجازات التنموية الشاملة والكبيرة التي حققها على مختلف المجالات في المملكة، نتيجة للتشريعات الاقتصادية والاجتماعية، والأنظمة الحقوقية والعدلية، والبرامج التنموية التي توالى إصدارها واعتماد العمل بها، مما أحدث تغيراً إيجابياً سريعاً وشاملاً على خطة التنمية في المملكة.

في 7 ديسمبر 2021، منح سلطان عمان هيثم بن طارق وسام عُمان المدني من الدرجة الأولى، أرفع الأوسمة المدنية العمانية، إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «اعتزازاً بالروابط الأخوية والعلاقات الممتازة والتعاون البناء» أثناء زيارته للسلطنة. وفي اليوم ذاته، ونيابة عن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، قدّم له ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان وسام زايد من الدرجة الأولى «تقديرا وتعبيرا عن الاعتزاز بعمق العلاقات الثنائية الراسخة وما يجمع البلدين من روابط تاريخية وطيدة».

في 10 ديسمبر 2021، منح أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح قلادة مبارك الكبير ووسام الكويت، إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عند استقباله في دار يمامة بحضور ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وذلك «تقديرًا لإنجازاته المميزة للمملكة وتعزيزه أواصر الأخوة بين البلدين وبين دول مجلس التعاون».

في 21 يونيو 2022، منح الملك عبد الله الثاني بن الحسين وسام الحسين بن علي، أرفع وسام مدني في المملكة الأردنية، إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وذلك «تعميقا وتجسيدا للعلاقات التاريخية المميزة التي تربط البلدين، وبمناسبة زيارة سموه للأردن.».

أوسمة

أماكن وأشياء سُمِّيَت باسمه

مناصب محمد بن سلمان

مناصب محمد بن سلمان
المنصب الذي تولّاه من تاريخ حتى تاريخ مرسوم
مستشار متفرغ في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء 4 أكتوبر 2007 16 ديسمبر 2009
مستشارًا خاصًا لسمو أمير منطقة الرياض، ومستشار غير متفرغ في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء 16 ديسمبر 2009 3 مارس 2013 قرار أمير منطقة الرياض
أمينًا عامًا لمركز الرياض للتنافسية 15 مايو 2010 قرار أمير منطقة الرياض
مستشارًا خاصًا لرئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز 16 يناير 2012 قرار رئيس مجلس إدارة دارة الملك عبد العزيز
مستشارًا خاصًا ومشرفًا على المكتب والشؤون الخاصة لسمو ولي العهد 18 يونيو 2012 3 فبراير 2013
رئيسًا لديوان سمو ولي العهد ومستشارًا خاصًا لسموه 3 فبراير 2013 23 يناير 2015 أمر ملكي أ/113 [1]
مشرفًا عامًا على مكتب وزير الدفاع 13 يوليو 2013 23 يناير 2015 أمر ملكي
وزير دولة وعضوًا بمجلس الوزراء 25 أبريل 2014 أمر ملكي أ/106
رئيسًا للجنة التنفيذية في دارة الملك عبد العزيز 18 سبتمبر 2014 قرار
وزيرًا للدفاع 23 يناير 2015 27 سبتمبر 2022 أمر ملكي أ/53
رئيسًا للديوان الملكي ومستشارًا خاصًا لخادم الحرمين الشريفين 23 يناير 2015 29 أبريل 2015 أمر ملكي أ/56
رئيسًا لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية 29 يناير 2015 أمر ملكي أ/70
رئيسًا لمجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة 23 مارس 2015 قرار مجلس الوزراء
وليًا لولي العهد ونائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء 29 أبريل 2015 أمر ملكي أ/160
رئيسًا للمجلس الأعلى لشركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) 30 أبريل 2015 قرار
رئيسًا لمجلس إدارة المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة 19 أكتوبر 2015 قرار مجلس الوزراء
رئيسًا لمجلس إدارة هيئة المدن الاقتصادية 13 ديسمبر 2015 15 مايو 2019 أمر ملكي
رئيسًا لمجلس أمناء كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال 17 يونيو 2016 قرار
رئيسًا لمجلس أمناء مركز الحرب الفكرية 5 يناير 2017 قرار
وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء 21 يونيو 2017 أمر ملكي أ/255
رئيسًا لمجلس إدارة هيئة تطوير بوابة الدرعية 20 يوليو 2017 أمر ملكي أ/295
رئيسًا لمجلس إدارة الهيئة الملكية لمحافظة العلا 20 يوليو 2017 أمر ملكي أ/296
مشرفًا عامًا على نادي الإبل 20 يوليو 2017 أمر ملكي أ/297
مشرفًا عامًا على نادي الصقور 20 يوليو 2017 أمر ملكي أ/298
رئيسًا للجنة العليا لمكافحة الفساد 11 أبريل 2017 أمر ملكي أ/38
رئيسًا لمجلس أمناء صندوق الشهداء والمصابين والأسرى والمفقودين 23 يناير 2018 قرار مجلس الوزراء
رئيسًا لمجلس المحميات الملكية في الديوان الملكي 6 فبراير 2018 أمر ملكي أ/220
رئيسًا للجنة العليا لشؤون المواد الهيدروكربونية 31 يوليو 2018 قرار مجلس الوزراء
رئيس مجلس إدارة شركة السودة للتطوير 24 فبراير 2021
سبقه
سلمان بن عبد العزيز آل سعود
ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء

2022 - حتى الآن

تبعه
ما يزال في المنصب
سبقه
محمد بن نايف
ولي العهد

2017 - حتى الآن

تبعه
ما يزال في المنصب
سبقه
محمد بن نايف
رئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية

2017 - حتى الآن

تبعه
ما يزال في المنصب
سبقه
محمد بن نايف
وليُّ وليِّ العهد

2015 - 2017

تبعه
شاغر
سبقه
سلمان بن عبد العزيز آل سعود
وزير الدفاع

2015 - 2022

تبعه
خالد بن سلمان آل سعود
سبقه
لا يوجد
رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية

2015 - حتى الآن

تبعه
ما يزال في المنصب
سبقه
سعود بن نايف بن عبد العزيز
رئيس ديوان سمو ولي العهد المستشار الخاص لسموه

2013 - 2015

تبعه
حمد بن عبد العزيز السويلم
سبقه
خالد بن عبد العزيز التويجري
رئيس الديوان الملكي

2015 - 2015

تبعه
حمد بن عبد العزيز السويلم

المراجع

وصلات خارجية

Tags:

محمد بن سلمان آل سعود نسبهمحمد بن سلمان آل سعود الولادة والنشأة والتعليممحمد بن سلمان آل سعود العمل السياسيمحمد بن سلمان آل سعود الرؤية السياسيةمحمد بن سلمان آل سعود الإصلاحات الداخليةمحمد بن سلمان آل سعود الدينمحمد بن سلمان آل سعود رؤية 2030محمد بن سلمان آل سعود السياسة الخارجيةمحمد بن سلمان آل سعود النشاطات الاجتماعية والخيريةمحمد بن سلمان آل سعود أسرتهمحمد بن سلمان آل سعود انتقاداتمحمد بن سلمان آل سعود الزيارات الخارجيةمحمد بن سلمان آل سعود ألقاب وأوسمة وتكريمات حصل عليهامحمد بن سلمان آل سعود أماكن وأشياء سُمِّيَت باسمهمحمد بن سلمان آل سعود مناصب محمد بن سلمانمحمد بن سلمان آل سعود المراجعمحمد بن سلمان آل سعود وصلات خارجيةمحمد بن سلمان آل سعود

🔥 Trending searches on Wiki العربية:

أرقام الهاتف في مصرأتلتيكو مدريدموناليزاكأس الأمم الإفريقيةيسراكيفن دي بروينأستراليارافاييل ماركيزترجمة جوجلجابر بن حيانالسنن الرواتبزين الدين زيدانإفريقياكسوف الشمسكليوباتراقائمة الدولعيد الفصح اليهوديالجزائرقائمة الخلفاءبرج الحوتحاسوبستاد القاهرة الدوليسوريااليابانمتلازمة XXXXالله (إسلام)غزوات الرسول محمدصلاة العشاءمعتصم النهارالأمل (نشيد)وزارة التضامن الاجتماعي (مصر)اللغة العربيةجسم الإنسانشكري القوتليصباح السالم الصباحميكل أرتيتاطاقة متجددةالبقرة الحمراءإنا لله وإنا إليه راجعونفلاديمير بوتينمصطفى الحداويهولنداقائمة الخلفاء العباسيينمانشستر يونايتدكريستال (مسلسل)جابر الأحمد الصباحماءأبو طالب بن عبد المطلبآية الكرسيعملية طوفان الأقصىمحمد بن سلمان آل سعودسليمانيزيد بن معاويةموقعة الجملقائمة مباريات الكلاسيكوالمسجد الأقصىتوم وجيريقائمة أعمال عادل إمامأبو عبيدةالدوري الإنجليزي الممتازشعب الجزائر مسلموعد بلفورويكيبيدياكارثة هيلزبرةالطائرات الايرانية بدون طياربنيامين نتنياهوألف ليلة وليلةالزرادشتيةقذف الإناثعمر بن عبد العزيزجورجينا رودريغيزصلاة العصرغزو العراققائمة الدول حسب مؤشر القوة العسكريةقائمة مدن ألمانيا حسب عدد السكانأبل🡆 More